السؤال
أيهما خلق أولا السموات أم الأرض، مع ذكر الدليل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد ذكر غير واحد من المفسرين بأن الأرض خلقت أولا ثم بعد ذلك خلقت السماء، ثم بعد ذلك دحيت الأرض وبسطت، وجعل فيها الجبال والأنهار والأشجار.... قال ابن كثير في التفسير: وهذه سنة الله تعالى في شأن البناء أن يبدأ بعمارة أسافله ثم أعاليه بعد ذلك. ثم قال رحمه الله تعالى بعد ذكر قول الله تعالى: قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين* وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين* ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين* فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم {فصلت:7-12}، وقوله تعالى: أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها* رفع سمكها فسواها* وأغطش ليلها وأخرج ضحاها* والأرض بعد ذلك دحاها* أخرج منها ماءها ومرعاها {النازعات:27-31}، قال رحمه الله تعالى: ففي هذا دليل على أن دحي الأرض كان بعد خلق السماء، فأما خلق الأرض فقبل السماء بالنص، وبهذا أجاب ابن عباس رضي الله عنهما كما في صحيح البخاري عند تفسير هذه الآية في صحيحه.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: إن الأرض خلقت أولا، ثم خلقت السماء، ثم دحيت الأرض فالمتأخر عن خلق السماء هو دحو الأرض، وهو ما ذهب إليه علماء طبقات الأرض من أن الأرض كانت في غاية الحرارة، ثم أخذت تبرد حتى جمدت وتكونت منها قشرة جامدة... ثم تشققت وهبطت منها أقسام وعلت أقسام بالضغط... ويقدرون لحصول ذلك أزمنة متناهية الطول... وقدرة الله تعالى صالحة لإحداث ما يحصل به ذلك في أمد قليل.
والحاصل أن خلق الأرض كان قبل السماء ثم خلقت السماء بعد ذلك ثم دحيت الأرض وأخرج منها الماء والمرعى وأرسيت فيها الجبال... ولمزيد الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 22344.
والله أعلم.