السؤال
منذ فترة وأنا أتابع برنامج الأستاذ عمرو خالد يسمي ب"صناع الحياه" . الفكرة الأساسية لهذا البرنامج هو دعوة الشباب خاصة إلى التفكير بمستقبل الأمة والتحرك بإيجابية نحو التغيير للأفضل من خلال استغلال الطاقات والمشاركة الفعالة في المجتمع. ولكننا فوجئنا بتحول من الأستاذ عمرو (الذي كان يصر دائما أنه ليس أهلا للفتوى) في إحدى الحلقات التي أسماها "ظلم المرأة" و أدرج في هذه الحلقة ما يرى من وجهة نظره أنه ظلم للمرأة و أدرج تحتها : الختان ، التعدد بدون سبب ، لزوم السفر بمحرم ، و عدم مشاركتها في الحياة السياسيه. وكان من رأيه أنه يجب على صاحب العمل أن يرجح المرأة على الرجل إذا تقدم الإثنان لشغل وظيفه معينة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يكون قال حديث ( النساء ناقصات عقل و دين...) على سبيل الدعابة!!!!. وفي حلقة أخرى تسمي الثقافه والفن أطلق الفتوي بأن الموسيقى (المعازف) حلال ويجب أن نستغلها في الدعوة إلى الله وقدم للجمهور مطربا جديدا الذي فيما بعد أقام عدة حفلات وأقبل عليها الشباب بشكل كبير ظنا منهم أنه من المساهمة في نهضة الدين. وفي حديث له في إحدى المجلات المحلية انتقد الفنانات المعتزلات لتركهم الوسط الفني وناشدهم بالرجوع إلى عملهم وأن يساهموا في النهضة بأعمال هادفة بدلا من أن يتركوا الوسط الفني للأعمال الهابطة!!!!!! يرجى الدخول إلى هذا الرابط لسماع المحاضرة كاملةhttp://www.amrkhaled.net/multimedia/multimedia495.html. وقد نتج عن ذلك أن منتدى عمرو خالد دوت نت أصبح يواجه فتنة رهيبة بين من يدافع عن الحق بالأدلة الشرعية و بين من يرى أن الأستاذ عمرو على حق دائما ولا يلتفت إلى الأدلة الشرعية. بفضل الله قام الكثير من الإخوة بالرد على بعض الشبهات السابقة و لكننا نريد من حضرتكم الإفادة فيما إذا كان متابعة هذه الحلقات فيها أي مخالفة شرعية؟ و ما إذا كان الأستاذ عمرو معه أي دليل على ما عرضه علينا ولو بحجة النهضة أو فقه الأولويات كما يسميه..و بماذا تنصح من يسلم بكل ما يقوله الأستاذ عمرو دون تمييز. ونسألكم سرعة الإجابه لأهمية الأمر وجزاكم الله خيرا .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع العلماء على تحريم سفر المرأة بلا محرم، وإن اختلفوا بعذ ذلك في بعض المسائل كسفرها للحج والعمرة والهجرة من دار الشرك، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. رواه مسلم. وأصله في الصحيحين، وانظر الفتوى رقم: 6693. وعلى ذلك، فإن من ادعى أن اشتراط المحرم لسفر المرأة ظلم لها، فقد رد حكم الله، وقد يصل ذلك بصاحبه إلى الكفر بالله العظيم، قال تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم {الأحزاب: 36}. وقال أيضا: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {النساء:65}. وكذلك الزعم بأن ختان المرأة فيه ظلم لها ـ جهل بالشريعة، لأن نبينا صلى لله عليه وسلم قد شرعه لنا، فقد قال للمرأة التي كانت تختن الإناث: إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي. رواه الطبراني في المعجم الأوسط، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة. وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4487، 17741 ، 31783. والشأن في المسلم أن ينقاد ويستسلم لأمر الله، قال سبحانه: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون {النور:51}. بينما بين سبحانه وتعالى أن من صفات المنافقين أنهم: إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون {النور:48}. هذا، وإن الذي يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن النساء إنهن : ناقصات عقل ودين. على سبيل الدعابة ولم يرد إثبات النقص حقيقة ـ فقد افترى على رسول الله الكذب، لأن نبينا صلى الله عليه وسلم قد بين نقصان عقلها ودينها في الحديث، وانظر الفتاوى: 7520 ، 33323 ، 16032. وكذلك الزعم بأن تعدد الزوجات بدون سبب فيه ظلم للمرأة رد لحكم الله تعالى، وذلك لأن الله أباح للرجال أن ينكحوا ماطاب لهم من النساء مثنى وثلاث ورباع، والذي يقيد حكم الله، ويجعل الإباحة لأسباب فقد رد حكم الله، وأتى بحكم يوافق هواه،: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله {القصص: 50}. وانظر الفتاوى: 1660 ، 2286 ، 3002 ، 10298.هذا، ولا ندري لماذا يحرص البعض على أن تتولى النساء شؤونهم وأن يدبرن أمورهم !! وانظر حكم تولي المرأة الولايات العامة في الفتوى رقم: 3935. ولمعرفة ضوابط عمل المرأة انظر الفتاوى: 7550 ، 522 ، 648 ، 1665. ولبيان حكم الإسلام في المعازف، انظر الفتويين: 987 ، 5555.هذا، وإن من علامات الساعة أن يتصدر من لم يتأهل، وأن يلتمس العلم عند الأصاغر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما ـ اتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا. رواه البخاري ومسلم. وعلى المستفتي أن لا يأخذ دينه إلا ممن يوثق بعلمه وأمانته واتباعه للحق، فقد قال بعض السلف: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم. وأما أخذ الفتوى من الجاهل الذي يفتي بغير علم، فهو سبب للضلال، وافتراء على الله، وإن الفتيا بغير علم من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب، ولقد جعل الله ذلك قرين الشرك به، فقال تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والأثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون {لأعراف:33}. وقال سبحانه أيضا: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون {النحل:116}. وانظر الفتوى رقم: 14585. فإن فيها مزيد بيان. هذا، وإن خطر الفتوى بغير علم لا يقتصر على صاحبه، بل ربما يتعداه إلى باقي المجتمع فيفسده ويضله عن دين الله تعالى، وهنا يكون الخطر الأعظم والإثم الأكبر، لأن المعصية المتعدية أعظم من المعصية القاصرة، وإن من أفتى بغير علم، فإن كل ما يترتب على فتواه من مخالفة الشرع، فإنه يتحمل وزرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود والحاكم، وحسنه الألباني. ولقد كان سلفنا الصالح رضي الله تعالى عنهم يتحرجون من الفتوى ويتدافعونها ـ مع كثرة علمهم وحرصهم على إفادة الناس وإيصال النفع لهم ـ ولكن لخطورة شأن الفتوى كان بعضهم يحيلها إلى بعض، وربما عادت إلى الأول. وإن ما صدر منهم من فتاوى، كان الحامل عليهم هو خوفهم من كتمان العلم الذي حذر منه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.