السؤال
هل يجوز الاحتفاظ بزكاة المال للتمكن من جعلها مبلغا كبيرا يمكن الإفادة به، مع العلم بأنه لا يتم الاستفادة بمبلغ الزكاة المحتفظ به؟
هل يجوز الاحتفاظ بزكاة المال للتمكن من جعلها مبلغا كبيرا يمكن الإفادة به، مع العلم بأنه لا يتم الاستفادة بمبلغ الزكاة المحتفظ به؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن استحقت الزكاة في ماله وجب عليه أن يخرجها فورا، وذلك لقول الله تعالى: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة {البقرة:43}، ووجه الدلالة هنا أن الأمر المطلق الأصل فيه أنه يقتضي الفور، كما هو مقرر عند علماء الأصول، ولأن الزكاة حق يجب صرفه إلى من توجهت المطالبة بالدفع إليه وهم الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله بقوله: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم {التوبة:60}، فلم يجز تأخيرها عنهم كالوديعة إذا طالب بها صاحبها لا يجوز للمستودع أن يؤخرها عنه مع القدرة على ذلك والتمكن منه، لأنها حقه فكذلك الزكاة حق للفقراء والمساكين وبقية الأصناف، وفي تأخيرها عنهم منع لحقهم أن يصل إليهم في موعده، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم، إلا إذا كانت هناك مضرة بإخراجها في وقتها كأن يحول حوله قبل مجيء الساعي ويخشى إن أخرجها بنفسه أن يأخذها الساعي منه مرة أخرى، نص على ذلك أحمد وغيره، وكذا له أن يؤخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة أو ذي حاجة شديدة إذا كان التأخير يسيرا، وإن كان كثيرا فلا يجوز إلا إذا كان التأخير لعدم وجود من يستحقها من الأصناف الثمانية.
وبهذا يعلم السائل أنه لا يحق له تأخير دفع الزكاة عن مستحقيها للمبرر الذي ذكر على أن قوله لا تتم الاستفادة بمبلغ الزكاة المحتفظ به غير دقيق، إذ الواجب في أقل نصاب يقيد بصرفه في أكله وشربه ولبسه، وغير ذلك من حوائجه وهذا شيء معلوم لكل أحد والغالب أن مستحقي الزكاة بغير حاجة إلى أي شيء.
والله أعلم.