السؤال
هل حب الدنيا إثم، وهل يمكن أن تكون له علاقة بما أعانيه من الوسوسة، وهل الذي يحب الدنيا ليس له حظ في الآخرة، أعاني من الوسوسة (في العبادات) منذ مدة طويلة وأنا أفكر الآن أن السبب قد يكون -والله أعلم- حبي للدنيا فقد لاحظت مؤخرا أني أحب كثيرا الأكل وخاصة الحلويات كما أني رومانسي وأحب الجمال وأحب الأجواء العائلية والجلوس في المقاهي وقراءة الجرائد وباختصار كل ما يمضي لي وقت ممتع ومنذ أن اكتشفت هذا حتى زادت حالتي (الوسوسة) تعقيدا وأقول ربما يكون هذا عقابا من الله لأني لست قريبا منه بل أنا قريب من الدنيا بجسدي وجوارحي وهو ما يكبلني ويجعلني أستسلم لها، فهل ما أفكر به صحيح، أم هي من كيد الشيطان، فقد تكون الوسوسة هي التي جعلتني أنفر من الصلاة نتيجة المشقة وبالتالي أبعدتني عن ربي وبالتالي لجأت إلى الدنيا، أفيدوني؟ يرحمكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الله تعالى قد يعاقب المرء بعدم الاستقرار النفسي إذا طغت الدنيا على قلبه حتى زاحمت حبه لله رب العالمين، وقد ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له. رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
ولا شك أن الإفراط في اشتهاء الطعام والشراب، واتباع حظوظ النفس مما يبعد عن الله تعالى، ولو كان ذلك في المباحات، لما في ذلك من الإسراف والانشغال عما أراده الله تعالى من الخلق، قال الله تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {الذاريات:56}.
ولتعلم أن المرء مسؤول عن عمره وماله وعلمه وجسمه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكي يجيب عن هذه الأسئلة إجابة صحيحة عليه أن يقدم ما استطاع أن يقدمه من عمل صالح أنفق فيه ماله ووقته وجسمه واستعمل فيه علمه.
والله المسؤول أن يبصرك بمواقع الخلل ومواطن الزلل، وأن يدلك على ما ينفعك، ويذهب همك وغمك وحزنك، وراجع الفتوي: 2082، والفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.