الإحسان إلى الدواب أجره عند الله عظيم

0 419

السؤال

أقيم في عمارة مشتركة وفي شقتي التي أتردد عليها بين الفينة و الأخرى تركت إحدى النوافذ مفتوحة فولدت قطة أربعة من الصغار وقد تحدثت بخصوص هده القطة مع والداي فنصحاني أن أحتفظ بهم إلى حين أن يكبروا قليلا ليتمكنوا من الفرار والاختباء وآنذاك أخرجهم. لكني احتفظت بهم فقط لمدة قصيرة جدا حتى تمكنوا من الإبصار وأولى خطوات المشي وعندما أردت تنظيف الشقة (تنظيف روتيني ليس له علاقة بالقطط), دخلت كلبة إحدى الجارات للمنزل وتعاركت مع القطة وأصيبت الكلبة شيئا ما. لكن هذا العراك لم يكن هو السبب لإخراج القطط ولكني لا أريد الاحتفاظ بهم في منزلي. فأخذت القطة وصغارها إلى السطح رغم علمي بأن صاحبة الكلبة ستؤذيهم والكلبة سترعبهم في السطح وبأن القطة لن تهتدي لصغارها في السطح لأنها تركتهم وعادت لمكانها الأصلي تبحث عنهم ثم أرجعتها إلى السطح بقربهم وقلت مع نفسي هي أمهم مسؤولة عنهم ولست أنا مسؤولا عنهم فليقع لهم ما يقع هذا مع علمي اليقين بحديث الرسول صلى الله عليه و سلم بخصوص المرأة التي دخلت النار في هرة ومع دلك تركتهم وغادرت المكان لمدة ثلاثة أيام. ما حدث الآن هو أنه بعد أن عدت وجدت القطط غير موجودة و أمهم تبحث عنهم و الظاهر أنهم سقطوا أو أسقطوا في قناة الصرف الصحي للعمارة فصوتهم مسموع وتقاعست عن إخراجهم حتى ماتوا (لم يعد يسمع لهم صوت) وتمكنت فقط من استخراج واحد منهم فقط بعد كسر إحدى القنوات التي كان محبوسا فيها لكن رائحته كانت نثنة وأمه لم ترد إرضاعه وأبدت عداءا شرسا تجاهه لما حاول الرضاع منها فقمت بغسله هو و أمه وتركت لهما بعض الطعام وسافرت لمدة 3 أيام وبعد عودتي لم أجد القط الصغير وعندما صعدت إلى السطح وجدت القطة الأم وقط صغير في كامل عافيته فاختلط علي الأمر هل هدا القط لم يسقط أصلا في قناة الصرف الصحي و لم أنتبه إليه في المرة الأولى أم أنه نفس القط الذي استخرجته من المجاري والراجح أنه قط آخر غير الذي استخرجته وقلت في نفسي لقد قتلته لأني تركته مع أمه التي لم تتعرف عليه فقد تكون قد افترسته وهذا هو الراجح وربما دخل قط آخر فافترسه وفي هده الحالة قلت في نفسي كان يجب علي أن أغلق جميع النوافذ فما حكمي في هده االنازلة لأني كان بإمكاني أن أتفادى دلك وأحتفظ بهذه القطط ولن يكلفني ذلك شيئا ولأني خالفت نصيحة والداي فهل أنا آثم وماذا أعمل لأكفر عن خطئي فأفيدوني رحمكم الله ولكم جزيل الشكر والثواب فنفسيتي منهارة فلم أعد أحس بطعم الحياة فأنا أنتظر الموت فقط لأرتاح من هذا الإحساس فأنا طول الوقت أفكر في هذه القطط وأقول لم تؤذني وقتلتها فأنا سأدخل النار كتلك المرأة في الحديث الشريف وتزداد تعاستي كلما رأيت قطة تلعب مع صغارها وأقول مع نفسي حرمت القطة من صغارها والقط الصغير من إخوانه فكلما سنحت لي الفرصة وذهبت للمنزل وصعدت للسطح أراه وحيدا خائفا لا يهدأ روعه حتى تأتي أمه لتؤنسه. فكرهت ذلك المنزل وتمنيت لو أني لم أشتره وأقول دائما لو فعلت كدا لما حصل لي هذا وهكذا ابدأ أتخيل سيناريوهات لمسارات متعددة لحياتي لو سلكتها لما رأيت هده القطط.أصبحت عبوسا و معنوياتي في الحضيض كل شيء أفعله بفتور كبير ولا أحس بالفرحة في أي شيء. تمنيت لو أن الزمان يرجع الوراء, أحس بضياع كبير وبأني مشلول ماديا ومعنويا وبأني لن أنسى هدا الحادث وآلامه دنيا وأخرى. أرجو أن تعذروني عن الإطالة والركاكة وأسأل الله أن يدخلكم جنته ويهيئ لكم من سعة الصدر وطول البال ما تتحملون به رسالتي. أخوكم الذي ضاع عندما أخرج بأنانية وقسوة القطط من المنزل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يزيل عنك هذا الخوف والوحشة والتعاسة التي ذكرت أنك أصبت بها جراء موت تلك القطط.

ولقد كان من المستحسن أن لا تحرم تلك الدواب من الأمن والعيش في منزلك إلى أن تكبر وتصير قادرة على الدفاع عن نفسها، وفي ذلك أجور كثيرة عند الله تعالى. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة. وفي رواية: قالوا: يا رسول الله: وإن لنا في البهائم أجرا، قال: في كل كبد رطبة أجر.

ومع هذا، فنرجو أن لا يلحقك إثم فيما فعلت طالما أنك لم تفعله تعمدا لإتلاف الدواب ولا عقوقا لوالديك، وإنما يبدو أنك فعلت ما فعلت ظانا أنه لا يؤدي إلى موت القطط.

والذي أثمت بسببه المرأة المذكورة في الحديث الشريف هو أنها حبست الهرة ومنعتها الطعام والشراب. وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها، إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.

وعليك بالإكثار من الاستغفار والتوبة وأعمال الخير، فإن المسلم مطالب بذلك ولو لم يحصل منه ذنب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة