الحاجز بين الرجال والنساء.. رؤية شرعية

0 368

السؤال

نحن مجموعة من الطلبة في أمريكا الشمالية وقد قامت الجامعة بتخصيص مصلى يتسع لحدود مائة شخص ويوجد بابان منفصلان أحدهما للرجال والآخر للنساء ولكن توجد مجموعة من الطالبات لا يردن وضع حاجز بين الرجال والنساء ويصلين خلف الرجال، وأحيانا توجد مجموعة منهن يصلين بالبنطلون خلف الرجال، وتوجد مجموعة من الطلبة الذكور يريدون وضع الحاجز ولكن للأسف الطرف الآخر من النساء لا يردن ذلك بحجة عدم وجود دليل يدل على وجوب وضع الحاجز، وقد تم التهديد بمن يضع الحاجز بالشكوى لإدارة الجامعة بذلك بحجة التميز بين الجنسين أرجو التكرم بالإجابة المفصلة على ذلك بجواز أو عدم وضع الحاجز.
كذلك يوجد مجموعة من الأشخاص قاموا بشراء مبنى وحولوه إلى مسجد علما بأن ملكية المبنى باسم الأشخاص الذين قاموا بشراء المبنى ورفضوا تسجيل ملكيته كوقف تابع للجمعية الإسلامية التي تعنى بشؤون المسلمين في مدينتنا بحجة عدم مساهمة الجمعية بالفلوس ولا يريدون وضع الحاجز بين الرجال والنساء وقاموا بكتابة ذلك بعقد التأسيس (الدستور) مستفيدين من القوانين التي تساوي المرأة بالرجل هل يجوز اعتبار ذلك المبنى مسجدا وهل تجوز الصلاة فيه ولكم جزيل الشكر ووفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجب وضع حاجز بين صفوف الرجال وصفوف النساء في المسجد، فقد كان النساء يصلين خلف الرجال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده وبعده دون أن يكون بين صفوفهم حاجز. قال النووي رحمه الله: أما صفوف الرجال فهي على عمومها، فخيرها أولها أبدا، وشرها آخرها أبدا، أما صفوف النساء، فالمراد بالحديث وهو "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها" صفوف النساء اللواتي يصلين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال، خير صفوفهن أولها وشرها آخرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثوابا وفضلا، وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم، وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك. اهـ.

وعليه، فلا حرج في صلاتهن خلف الرجال بلا حاجز ما لم تترتب على ذلك مفسدة، فحينها لا بد من الحاجز دفعا لهذه الفتنة، ويراعى قبل وضعه الاتفاق عليه، بحيث لا يقع شقاق وتقدم شكوى لإدارة الجامعة بسبب وجود هذا الحاجز، وأنه تمييز بين الرجال والنساء مما يكون مبررا للإدارة في إغلاق هذا المكان وحرمان الجميع من الصلاة فيه، وينبغي للمصلحين في هذه الجماعة أن يقوموا بواجب النصح والدعوة إلى الله تعالى، وتبيين مفاسد الاختلاط المؤدي إلى الفتنة، وما ينشأ عن ذلك من آثار سيئة وعواقب مدمرة، إضافة إلى ترسيخ المعنى الحقيقي للإسلام الذي هو الاستسلام لأمر الله تعالى والانقياد لحكمه ظاهرا وباطنا، مع بيان محاسن الإسلام والحكمة البالغة لأحكامه والتي منها صيانة أعراض المسلمين وحفظ حرماتهم.

هذا مع التنبيه إلى أن يحذر المسلم من الانخداع والاغترار بما يثيره أعداء الإسلام من شبه ودعاوى لا تستند على أساس ولا تقوم على دليل.

وأما شراء بعض الأشخاص لمبنى وجعله مسجدا فإن ذلك خير، ولا يلزمهم تسجيله باسم الجمعية الإسلامية، بل لهم النظر عليه واختيار مؤذن له وإمام، ووضع نظام للحفاظ عليه، كتحديد وقت لفتحه وغلقه، وتنظيفه ، وتوسيعه للحاجة، ولهم رفض وجود حاجز بين الرجال والنساء، لأنه ليس بلازم كما سبق، إلا في حالة الفتنة، ولا يعد رفضهم هذا محرما أو التزاما لنظام التسوية بين الرجال والنساء، وفي حالة ما إذا حاولوا أن يضعوا نظاما مخالفا للشريعة الإسلامية فإنه يجب نصحهم وإرشادهم بالتي هي أحسن، لا إثارة الفتنة والخلاف، فليس هذا أدب الإسلام.

وأما صلاة بعض الفتيات بالبنطلون، فمكروهة، إلا إذا كن مع الرجال الأجانب فلا يجوز، كما بيناه في الفتوى رقم: 36210 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة