السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أريد السؤال عن الحكم الشرعي لقبول الهدية في مكان العمل؟ فهل يجوز قبول الهدية من زميل مسن مثلا أو طالبة (علما بأنني أعمل في معهد تدريبي)؟؟ حيث أنهم أحيانا يعودون من سفر أو يرسلون لي هدية من مكان بعيد وأجد فيها نوعا من عدم الارتياح علما بأنه لا يكون لهم أي غرض أو مقصد من ذلك "مثلا: ترسل لي طالبة كانت تدرس في المعهد الذي أعمل به وانقطعت عن الدراسة رسالة وهي في بلد آخر تستفسر مني عن إمكانية عودتها للدراسة، وتريد مني أن أسأل المدير وأجيبها برسالة أخرى، وترسل مع الرسالة هدية، فأخذتها لأنني خجلت أن أردها للشخص الذي أحضرها، وشعرت بأن فيها نوعا من الرشوة فلم أدر ما أفعل وأهديتها لإنسانة أخرى)، الرجاء إيضاح الحكم الشرعي في ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "تهاد وتحابوا" أخرجه الإمام مالك في الموطأ، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: "لو أهدى إلي ذراع أو كراع لقبلت"، فقد أفاد الحديث الأول استحباب تهادي الإخوان بعضهم لبعض، وأنه يجلب المحبة بينهم، ويزيل الحقد والحسد من قلوبهم، كما أفاد الحديث الثاني أن الهدية لا ينبغي أن ترد ولو كانت حقيرة، وقد خرج من هذا الاستحباب الإهداء للقاضي ومن في معناه ممن لم يكن يهدى له أصلا سدا لذريعة الرشوة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم" رواه الإمام أحمد والأربعة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان، فالهدية إنما يحرم أخذها ويستحق آخذها الوعيد إذا كان يأخذها مقابل حق يلزمه أداؤه، أو مقابل عمل باطل يجب عليه تركه لأن ذلك هو الرشوة، وإذا تقرر هذا علمنا أن أخذ الهدية ممن طابت بها نفسه وليس له من وراء دفعها غرض سيئ ولا مقصد غير صحيح لا حرج فيه، وعلى كل حال ينبغي للموهوب له أن يثيب من أهدى إليه، لحديث جابر رضي الله عنه: "من أعطي عطاء فليجزه فإن لم يجد فليثن به"…الحديث أخرجه أبو داود والترمذي.
والله أعلم.