السؤال
كيف ترد على من زعم أن إيقاع العقوبة والحدود على المجرمين في منتهى الوحشية وضد الإنسانية؟ نرجو من سماحتكم الإسراع في الرد على السؤال للضرورة القصوى.. وبالشكر والتوفيق
كيف ترد على من زعم أن إيقاع العقوبة والحدود على المجرمين في منتهى الوحشية وضد الإنسانية؟ نرجو من سماحتكم الإسراع في الرد على السؤال للضرورة القصوى.. وبالشكر والتوفيق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) [النساء: 65].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" أخرجه ابن أبي عاصم في السنة، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول. فعدم الانقياد لأحكام الله تعالى كفر صريح يخرج صاحبه عن الملة الإسلامية، والاعتراض على أمور الشرع بهذه العبارات الوقحة الجريئة لا يصدر إلا من فرعون وأتباعه الكفرة الخلص، أو المنافقين الذين هم أخس من أولئك وأسفل منزلة، وأخبث سجية، إن الحدود الشرعية التي تطبق على مستحقيها من المجرمين والظلمة إلى جانب كونها محققة للمصالح العامة وحافظة للأمن العام فهي عادلة غاية العدل، وكيف لا؟ وهي صادرة من الحكيم العليم اللطيف الخبير العالم بأحوال العباد وما يصلحهم وما يصلح لهم في حاضرهم وفي مستقبلهم، فالزنى مثلا جريمة من أفحش الجرائم وأبشعها وهي عدوان على الشرف والكرامة، وفيها تقويض لنظام الأسر والبيوت، وترويج للكثير من الشرور والمفاسد التي تقضي على مقومات الأفراد والجماعات، ومن أوضح ذلك الأمراض الفتاكة التي وقف الطب الحديث حائرا أمامها لا يقدم ولا يؤخر (الإيدز أو السيدا) مثلا، فإن هذا المرض لا يأتي ـ غالبا ـ إلا عن طريق اتصال جنسي محرم. والسرقة هي الاعتداء على أموال الناس والعبث بها، والأموال أحب شيء إلى النفوس. والقذف من الجرائم التي تحل روابط الأسرة وتفرق بين الرجل وزوجته وتهدم أركان البيت، والبيت هو الخلية الأولى في بنية المجتمع فبصلاحها يصلح وبفسادها يفسد. والخمر تفقد الشارب رشده وعقله الذي هو ميزة الإنسان وخصوصيته، فإذا فقده ارتكب كل حماقة وفحش. فإيقاع عقوبات مناسبة تضع حدا لاعتداء هؤلاء وتزجرهم وتردعهم وغيرهم عن المعاودة إليها، أو ارتكاب مثلها هو في منتهى الحكمة والعدل، لما فيها من صيانة دماء المسلمين والحفاظ على أمنهم وأعراضهم وأموالهم، وذلك لأن من تسول له نفسه ارتكاب الجريمة، إذا تحقق من أنه سيؤاخذ بجريمته فلابد أن يكف عنها خوفا مما سيلحقه من تبعتها، وبذلك يستتب الأمن ويسود الهدوء والاطمئنان وتطيب الحياة وتتم النعمة بانقماع أهل الشر والفساد، وصدق الله عز وجل حيث يقول: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) [البقرة: 179].