السؤال
ما حكم محاولة اغتصاب طفلة في سن التاسعة من عمرها من قبل ابن عمها وهو طالب جامعي ، نريد فتوى في هذه القضية لحيرة والد الطفلة ووالد الشاب مرتكب الفعله، وما نصيحتكم لنا، نحن نسكن في منزل واحد فماذا نفعل أفادكم الله نريد سرعة الرد لتفادي المشاكل التي يمكن أن تحدث بين الطرفين ونشكركم مع تحيات والد الطفلة، لو أمكن كتابة المفتي الذي أفتى إن أمكن؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن محاولة الشاب البالغ لاغتصاب البنت أمر محرم لما فيه من الهم بالمعاصي وقربان الزنى والاعتداء على حق الجيران والأرحام، وقد حرم الله تعالى ذلك فقال: ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء:32}، وإن كان الاغتصاب لم يحصل فعلا، فإن على والد البنت أن يحمد لله الذي سلم بنته من هتك عرضها، وأن يحرص على حمايتها وحضانتها وتربيتها تربية إسلامية، ويمنعها من دخول الأجانب عليها، وأن يحرص على ستر وكتمان ما حصل لئلا يشيع من الموضوع ما يشوه سمعة بنته ويؤثر على مستقبلها في الزواج، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا {التحريم:6}، وفي الحديث: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث. رواه النسائي وصححه الألباني.
وقد فسر الديوث بمن لا يغار على محارمه ولا يمنعهن من مخالطة الأجانب، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه. قال النووي في شرح الحديث: عالهما قام عليهما بالمؤونة والتربية.
وفي حديث الصحيحين: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته.....
واعلم أنه لا إثم على البنت فيما يحصل لها من الإكراه إن لم تكن تساهلت في الخلوة أو الظهور بالزينة للشاب؛ لقوله تعالى: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان {النحل:106}، ولما في الحديث: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وحسنه النووي، ويتأكد الأمر إن كانت البنت لم تبلغ سن المحيض، لما في الحديث: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق. رواه أحمد وأصحاب السنن والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وعلى والد الشاب أن يتعهد ولده بالنصح ويحمله على التوبة والعفة والاستقامة على الطاعة انطلاقا من واجب النصح والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى، وعليه أن يساعده على الزواج ويبحث له عن رفقاء صالحين يعينونه على الطاعة، وإن أمكن تزويجه بالبنت فهو أحسن إذ أن ذلك أدعى لتحصينه، لما في الحديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم، وفي الحديث: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وإذا تيسر الانفصال في السكن بين الأسرتين فهو أولى لما فيه من إبعاد الشاب عن البنت وتسليته عنها، فإن البعد عن مكان المعصية من أسباب نجاح التوبة، كما يدل له حديث مسلم في الرجل الذي قتل مائة نفس فأمره العالم بالانتقال من بلده إلى بلد فيه ناس صالحون. ويتعين على أبوي الشاب والبنت أن لا يجرهما تهور وطيش الولد إلى وقوع المشاكل بينهما وقطع رحمهما، فالواجب أن يتعاونا على حل المشكلة بطريقة حكيمة مشروعة.
ومن أحسن ما يساعدهما في حلهما أن يزوجا الولد بالبنت ويساعداهما في بناء الأسرة ويحتسبا الأجر عند الله في ذلك، ففيه إعانه لهما على التقوى وحفظ للأعراض وسلامة من المشاكل إن شاء الله.
والله أعلم.