السؤال
جزاكم الله خيرا، أرجو إجابتي على السؤال التالي والمكون من ثلاثة أجزاء:الأول: ذهبت لأداء العمرة أنا وزوجتي قبل أربعة أعوام ولم تقصر زوجتي من شعرها بعد الانتهاء من المناسك وذلك لجهلي وجهلها بوجوب ذلك... ما هو الحكم في ذلك؟الثاني: كنت أسكن في مدينة جدة وكنت قد نويت العمرة فاغتسلت ونويت ولبست الإحرام وصليت ركعتي الإحرام وعملت كل ذلك في بيتي قبل أن أغادر، بعدها ونتيجة لشجار نشب بيني وزوجتي فقدت أعصابي ولبست المخيط واعتزمت أن لا أذهب، بعدها هدأت أعصابي وأعدت الكرة من اغتسال ونية ولبس الإحرام وركعتي السنة وذهبت لأداء العمرة وأديتها كاملة، أرجو أن تفيدوني هل يتوجب علي شيء؟الثالث: في حال كانت الفتوى في السؤالين السابقين أو إحدهما أن أذبح فأرجو منكم توضيح ماذا يسمى هذا الذبح وهل يجب القيام بالذبح داخل مكة المكرمة فقط وهل يجب توزيع الذبيحة على فقراء مكة فقط أو يمكن أن يستفيد منها فقراء آخرون وما هي تبعات تأخير هذا الذبح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على زوجتك الآن اجتناب محظورات الإحرام حتى تقصر من شعرها ولو في بلدها، ويكون الجهل عذرا لزوجتك إذا كانت حديثة عهد بالإسلام، أو نشأت في بيئة بعيدة عن أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 19084.
وفي حالة كونها معذورة بالجهل فيما فعلته من محظورات الإحرام خلال تلك الفترة فما كان منها من قبيل الترفه كلبس المخيط واستعمال الطيب فلا شيء عليها فيه، وما كان منها من قبيل الإتلاف كالحلق وقص الأظافر فعليها في كل جنس من تلك المحظورات فدية واحدة ولو تكرر منها مرارا، هذا ما رجحه كثير من أهل العلم، ومنهم من يجعل الجهل عذرا في جميع المحظورات، وبالنسبة للجماع إذا كان قد حصل فلا شيء فيه إذا كان جهلا أو نسيانا، وراجع الفتوى رقم: 14023.
وإن كنت قد أحرمت أي نويت الشروع في مناسك العمرة والتلبس بها فإن هذا إحرام لا يجوز رفضه وهو باق ولو رفضته، وأما إن كنت اغتسلت بنية أن هذا الغسل للإحرام وكذا الصلاة لكنك لم تنو النية التي بيناها فإن هذا لا يعد إحراما ولا تلزمك أحكام الإحرام، وإذا كان حالك هو الأول فنقول: قد أخطأت في رفضك نية الإحرام بالعمرة بعد أن نويتها لوجوب إتمام الحج أو العمرة بعد الشروع فيهما، قال الله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله {البقرة:196}.
ولبسك للمخيط إن كان عن جهل فلا يترتب عليه شيء وإن كان مع علم الحكم فإنه يترتب عليه وجوب الفدية وهي ثلاثة أنواع على التخيير، وسبق بيانها في الفتوى رقم: 26306.
وإذا كانت الفدية بذبح شاة فلا بد أن تذبح في الحرم وتوزع على الفقراء من أهله؛ إلا إذا تعذر وجود من يقبل لحمها من الفقراء فلا مانع من نقلها إلى فقراء آخرين من غير الحرم.
وإن كانت الفدية بإطعام ستة مساكين، فعند الحنابلة والشافعية يجب أن يكون الإطعام خاصا بمساكين الحرم، وعند المالكية والحنفية يجزئ الإطعام في أي بلد كالصيام، قال ابن قدامة في المغني: والطعام كالهدي يختص بمساكين الحرم فيما يختص الهدي به، وقال عطاء والنخعي: ما كان من هدي فبمكة، وما كان من طعام وصيام فحيث شاء، وهذا يقتضيه مذهب مالك وأبي حنيفة.
ولنا قول ابن عباس: الهدي والطعام بمكة، والصوم حيث شاء، ولأنه نسك يتعدى نفعه إلى المساكين فاختص بالحرم كالهدي. انتهى.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع وهو حنفي: ولا يجزئ دم الفدية إلا في الحرم كدم الإحصار ودم المتعة والقران، وأما الصدقة والصوم فإنهما يجزيان حيث شاء، وقال الشافعي: لا تجزئ الصدقة إلا بمكة. انتهى.
وينبغي المبادرة إلى أداء الفدية لما في ذلك من المسارعة إلى الخير التي أمر الله تعالى بها في قوله: فاستبقوا الخيرات {البقرة:148}، إضافة إلى ما قد يطرأ على الإنسان من أمور كموت أو عجز أو نحو ذلك. هذا إذا لم يكن معتديا في سببها، فإن كان فقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب المبادرة وهو مذهب الشافعية، وجاهد نفسك على التغلب على الغضب، وراجع الفتوى رقم: 58964.
والله أعلم.