السؤال
هل يجوز للمرأة أن تصلي بقميص نومها؟
ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفق الفقهاء على أن عورة المرأة في الصلاة هي ما عدا الوجه والكفين، فيحرم أن تصلي وشيء من بدنها سوى الوجه والكفين مكشوف، واختلفوا في القدمين فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنهما عورة؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها. رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي. وقرر هذا جماعة ومنهم ابن قدامة في المغني حيث قال: وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين، ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجز كشفه في الصلاة كالساقين. انتهى.
وذهب بعضهم إلى أنه لا يجب سترهما، فالخلاف بين الفقهاء محصور في القدمين، أما مازاد على ذلك فاتفقوا على وجوب ستره وحرمة كشفه إلا خلافا شاذا ضعيفا لا عبرة به عن بعض المالكية أن الستر للعورة في الصلاة مستحب وليس بواجب، وقد قال عنه الدردير في الشرح الكبير وهو عمدة في المذهب المالكي.( والقول بالسنية أو الندب ضعيف)
وعليه؛ فالقول بأنه يجوز أن تصلي المرأة ورأسها أو ساقها ونحو ذلك مكشوف قول باطل، ولا يحل لمسلمة الأخذ به، وقد قدمنا حديث أم سلمة، ومن أدلة المسألة أيضا ما رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد وغيرهم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار. والحائض المقصود بها المرأة البالغ، قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم.
وهذا من حيث حرمة الكشف عمدا، أما صحة الصلاة مع الإثم فشيء آخر، فعند المالكية قول معتبر أن ستر العورة واجب وليس بشرط، فتصح صلاة من أقدم على ذلك مع الإثم، وقد فصل ذلك النفرواي فقال: اعلم أنه جرى خلاف في ستر العورة في الصلاة، فقيل: واجب شرط مع الذكر والقدرة. وقيل: واجب غير شرط مع الذكر والقدرة أيضا، وينبني عليهما لو صلى مكشوف العورة عامدا قادرا على الستر فعلى الشرطية يعيد الفرض لبطلانه، وعلى نفي الشرطية يعيد في الوقت مع القدرة والعلم، لكن يأثم مع القدرة والعلم دون العجز والنسيان. اهـ.
ومن انكشفت عورته عن غير عمد فقد صرح جماعة أنه يعفى عن اليسير، وصرح آخرون بأنه يعفى عن الربع، وقيل غير ذلك، وهذا -كما قلنا- فيما يتعلق بإعادة الصلاة لا بحرمة الإقدام على الكشف، وإن كنا نحن نختار قول القائلين باشتراط ذلك لصحة الصلاة، ولكن حكينا هذا الخلاف ليعلم ما هو محل الخلاف المعتبر عند فقهاء الإسلام.
والله أعلم.