السؤال
تعرفت على شاب في الجامعة والحمد لله كلانا ملتزمان، ولكن شاءت الظروف أن أتعلق به وأفكر به كثيرا لصفات حميدة كثيرة يتسم بها، ولكني أعلم بأنه يفكر بأخرى مع العلم بأنها غير محجبة هذا الأمر يحزنني كثيرا. صليت لله كثيرا ودعوته بأن يرشدني إلى الصراط المستقيم في هذه المسألة ولكنها تحتل جزءا كبيرا من تفكيري حتى أنني أصل في كثير من الأوقات إلى درجة البكاء (لا أريد معصية الخالق بل رضاه لهذا ابتعدت وحاولت تجنب الشاب عسى أن يرضى الله عني ويرضيني)، هل تفكيري في هذا الشاب حرام، ما عساي أفعل، أريد نصيحة منك أيها الأخ الكريم؟ بارك الله فيك.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا حكم التعارف قبل الزواج ومخاطره في الفتوى رقم: 9463 واعلمي أنه لا مؤاخذة ولا إثم على الحب ما دام لا يترتب عليه شيء من وسائل الفتنة كالخلوة ونحوها، لأن الحب من الأمور القلبية التي لا يتحكم فيها الإنسان ولا يطيق دفعها، وإنما يحرم ما يترتب عليه مما يجر إلى الحرام.
وعليه فمجرد تفكيرك في هذا الشاب لا يعد حراما، ولكن عليك أن تدفعي عنك هذا التفكير، ونحيلك على بعض طرق علاج الحب التي ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد، فقد قال رحمه الله: إشعار نفسه اليأس منه -أي من المحبوب- فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه، فإن لم يزل مرض العشق مع اليأس فقد انحرف الطبع انحرافا شديدا فينتقل إلى علاج آخر، وهو علاج عقله بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقة بالصعود إليها، والدوران معها في فلكها، وهذا معدود عند جميع العقلاء في زمرة المجانين... فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، ولم تطاوعه لهذه المعالجة، فلينظر ما تجلب عليه هذه الشهوة من مفاسد عاجلته، وما تمنعه من مصالحها. فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم شيء تعطيلا لمصالحها، فإنها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره، وقوام مصالحه، فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء، فليتذكر قبائح المحبوب، وما يدعوه إلى النفرة عنه، فإنه إن طلبها وتأملها، وجدها أضعاف محاسنه التي تدعو إلى حبه، وليسأل جيرانه عما خفي عليه منها، فإن المحاسن كما هي داعية الحب والإرادة، فالمساوئ داعية البغض والنفرة، فليوازن بين الداعيين، وليحب أسبقهما وأقربهما منه بابا، ولا يكن ممن غره لون جمال على جسم أبرص مجذوم، وليجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل، وليعبر من حسن المنظر والجسم إلى قبح المخبر والقلب، وأخيرا كما يقول ابن القيم رحمه الله: فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا صدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، وليطرح نفسه بين يديه وعلى بابه، مستغيثا به، متضرعا متذللا، مستكينا، فمتى وفق لذلك، فقد قرع باب التوفيق فليعف وليكتم، ولا يشبب بذكر المحبوب، ولا يفضحه بين الناس ويعرضه للأذى، فإنه يكون ظالما متعديا. زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 4/275، وراجعي الفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.