السؤال
أنا متزوجة من رجل مصري للأسف زواجا عرفيا بسبب أننا نعيش في بريطانيا ولا يسمح لنا الزواج الإسلامي الشرعي إلا أن يكون من قبل السلطات والذي منه فلذلك لجأنا للزواج العرفي وهو ما كان وهما بعد أن حملت السنة الماضية وأقنعني بأن أتخلص من الجنين وبالفعل تخلصت منه والآن أنا حامل للمرة الثانية ويطلب مني أن أجهض وأنا مصممة أن أتمسك به مهما حصل المشكلة أنني للأسف اكتشفت أنه كان لا يريدني أنا زوجة بل كان يريد النقود التي معي وقد أخذ جميع ما أملك والآن يطالبني بالإجهاض أرجو أعطائي النصيحة على الرغم من أنني متمسكة بهذا الطفل وأيضا متمسكة بنقودي التي أخذها وللأسف أنا أعيش لوحدي ولا يوجد أحد من عائلتي معي هنا في الغربة.جزاكم الله كل الخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشتمل سؤال الأخت على عدد من المسائل أولها: ما يسمى بالزواج العرفي، فإن كان المقصود منه ما اشتمل على أركان وشروط النكاح الشرعي، لكنه لم يسجل في المحكمة وبطريقة رسمية فهو زواج صحيح. وإن كان المقصود منه أن يقوم الرجل والمرأة بإجراء عقد بينهما دون وجود ولي ولا شهود فهذا ليس زواجا شرعيا، بل هو زنا. ثاينا مسألة الإجهاض وقد تقدم حكمها في الفتوى رقم: 5920. وعليه فإن لم يكن الزواج صحيحا بالشروط السابقة فعليها مفارقة هذا الرجل فورا، أو إجراء عقد جديد مستوفي الشروط، والتوبة إلى الله من هذه العلاقة غير الشرعية التي جمعتها بهذا الرجل. وعليها التوبة إلى الله من الإجهاض السابق وعدم تكرار هذا الفعل. وننصحها أن يكون معها زوج أو ذو محرم، وأن لا تبقى في بلاد الغربة وحدها لما فيه من خطر عظيم عليها. وأما ما أخذه هذا الرجل من مالها إن كان أخذه منها بطريق الاحتيال أو الغصب أو القرض فلها المطالبة به، ويجب عليه رده إليها، فإن لم يفعل فيبقى في ذمته لها، وإن لم تستوفه منه في الدنيا فستأخذه من حسناته يوم القيامة، أما إذا كانت وهبته إياه برضاها ففي رجوعها عليه خلاف. فمذهب الجمهور الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن أحمد أنه ليس لها الرجوع، وفي رواية عن أحمد أن لها الرجوع بما أعطته من مالها. وفي رواية ثالثة عن أحمد أن لها الرجوع في حال سألها هذا المال وهي الأصح في مذهب أحمد. قال ابن قدامة في المغني: أما هبة المرأة لزوجها، فعن أحمد فيه روايتان إحداهما: لا رجوع لها فيها. وهذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. والثانية، لها الرجوع. قال الأثرم: سمعت أحمد يسأل عن المرأة تهب، ثم ترجع، فرأيته يجعل النساء غير الرجال. وذكر حديث عمر: إن النساء يعطين أزواجهن رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئا، ثم أرادت أن تعتصره، فهي أحق به. رواه الأثرم بإسناده. وعن أحمد رواية أخرى ثالثة، نقلها أبو طالب، إذا وهبت له مهرها، فإن كان سألها ذلك، رده إليها، رضيت أو كرهت، لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه، أو إضرار بها بأن يتزوج عليها. وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز. فظاهر هذه الرواية أنه متى كانت مع الهبة قرينة، من مسألته لها، أو غضبه عليها، أو ما يدل على خوفها منه، فلها الرجوع، لأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب به نفسها، وإنما أباحه الله تعالى عند طيب نفسها، بقوله تعالى: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا {النساء: 4}.انتهى مختصرا. قال في الإنصاف: وترجع المرأة فيما وهبت لزوجها بمسألته. على الأصح.
والله أعلم.