إحساس العصاة بعذاب النار

0 404

السؤال

سمعت حديثا عن بعض المشايخ مفاده أن المؤمن العاصي عندما يدخل النار لا يحس بالعذاب
أجيبونا من فضلكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد دلت نصوص الكتاب والسنة على أن عصاة الموحدين يستحقون العذاب الأليم (أي المؤلم) ومن ذلك قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم {البقرة: 178} وقوله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم رالتوبة: 34} إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا {النساء: 10}

وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل، ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنياه، إن أعطاه ما يريد وفى به وإلا لم يف له، ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا فصدقه فأخذها ولم يعط بها. رواه البخاري.

وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. (ثلاث مرات) قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. رواه مسلم.

وقوله أيضا: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب، وعائل مستكبر. رواه مسلم.

ولكن ثبت في صحيح مسلم أيضا ما يدل على أن عصاة الموحدين بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله تعالى يميتهم إماتة حقيقية يذهب معها الإحساس فيحبسوا في النار من غير إحساس المدة التي قدرها الله تعالى ثم يخرجون من النار إلى منازلهم في الجنة، ولعل هذا هو مراد الشيخ الذي سمعته يحدث بأن عصاة الموحدين لا يحسون بالعذاب في النار.

قال صلى الله عليه وسلم أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل. رواه الإمام مسلم.

قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: وأما قوله صلى الله عليه وسلم ولكن ناس أصابتهم النار إلى آخره فمعناه أن المذنبين من المؤمنين يميتهم الله تعالى إماتة بعد أن يعذبوا المدة التي أرادها الله تعالى وهذه الإماتة إماتة حقيقية، يذهب معها الإحساس ويكون عذابهم على قدر ذنوبهم ثم يميتهم ثم يكونون محبوسين في النار من غير إحساس المدة التي قدرها الله تعالى، ثم يخرجون من النار موتى قد صاروا فحما فيحملون ضبائر كما تحمل الأمتعة ويلقون على أنهار الجنة فيصب عليهم ماء الحياة فيحيون وينبتون نبات الحبة في حميل السيل في سرعة نباتها وضعفها فتخرج لضعفها صفراء ملتوية ثم تشتد قوتهم بعد ذلك ويصيرون إلى منازلهم وتكمل أحوالهم فهذا هو الظاهر من لفظ الحديث. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة