السؤال
ما فائدة النهي عن التنفس في الإناء، وما فائدة لعق الأصابع قبل مسحها، وما فائدة النهي عن الأكل متكئا، وما فائدة تقسيم شرب الماء على جرعتين أو ثلاث؟
ما فائدة النهي عن التنفس في الإناء، وما فائدة لعق الأصابع قبل مسحها، وما فائدة النهي عن الأكل متكئا، وما فائدة تقسيم شرب الماء على جرعتين أو ثلاث؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن أجل الفوائد المترتبة على تلك الأفعال كلها امتثال ما أمر به الشارع الحكيم، واعتقاد أن ذلك هو عين الحكمة ومقتضى المصلحة، والأوامر الشرعية والنواهي إذا لم ينص الشارع فيها على حكمة معينة فإن العلماء قد يجتهدون في استنباط بعض الحكم والفوائد منها فيصلون، وقد يعوزهم ذلك، لكن لا يعني خلوها عن حكم وفوائد جليلة، كما قال العلوي الشنقيطي في مراقيه:
وربما يعوزنا اطلاع * لكنه ليس به امتناع
وهذه بعض الفوائد المترتبة على تلك الآداب الشرعية:
فأما النهي عن التنفس في الإناء فمن فوائده المحافظة على السلوك العام والنظافة، لأن تردد النفس في الإناء أثناء الشرب قد يكسبه زهومة ورائحة كريهة، فيعافه الشارب أو غيره لأجلها، كما أن النفس الخارج مضر بالصحة كما ثبت علميا لأنه سموم ينفثها الجسم خارجه، فإذا امتزجت بالشراب ربما يفسد ويكون فيه ضرر على البدن.
وأما لعق الأصابع قبل مسحها فمن فوائده اتباع السنة لفعله صلى الله عليه وسلم وأمره به، ومن الفوائد كذلك طلب بركة الطعام، كما قال صلى الله عليه وسلم: إذا أكل أحدكم فليلعق أصابعه فإنه لا يدري أي طعامه يبارك له فيه. أخرجه الترمذي وغيره، إذن فقد تكون البركة فيما علق بالأصابع من الطعام، ومن فوائده كذلك احترام الطعام وحفظه عن الابتذال، وفي ذلك ما فيه من شكر النعمة، وذلك سبب للمزيد، كما قال الله تعالى: لئن شكرتم لأزيدنكم {إبراهيم:7}.
وأما النهي عن الأكل متكئا فمن فوائده الجليلة التواضع لله سبحانه وتعالى وإظهار العبودية له، كما قال صلى الله عليه وسلم: إنما أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد. أخرجه البخاري، مع ما في ذلك أيضا من احترام المؤاكل واختيار أحسن الهيئات وأكملها وأدلها على التواضع.
ومن فوائده أيضا كما قال العلماء أن أكل الإنسان متكئا على جنب قد يضر بصحته لأنه يمنع مجرى الطعام الطبيعي عن هيئته ويعيقه عن سرعة نفوذه إلى المعدة لانضغاطها فلا يستحكم فتحها للغذاء.
وأما تقسيم الشرب إلى جرعتين أو ثلاث فمن فوائده كما في السنة: أنه أروى وأمر أو أبرأ. أخرجه مسلم وغيره، ومعنى ذلك كما قال ابن القيم رحمه الله: أنه أشد ريا وأنه شفاء لتردده على المعدة الملتهبة دفعات فتسكن كل دفعة ما عجزت عنه الأولى، كما أنه أسلم لحرارة المعدة وأبقى عليها من أن يهجم عليها البارد وهلة واحدة ويسكن حرارة العطش لتدرجه وتمهله، وهو أسلم عاقبه من تناول الجميع دفعة لأن ذلك قد يؤدي إلى فساد مزاج المعدة والكبد وأمراض رديئة لعدم تمكن البخار الحار من التصاعد أثناء الشرب، إلى غير ذلك مما في هذا الهدي النبوي من إرشاد إلى أكمل الهيئات وأنفعها لسلامة البدن.
وللاستزادة حول هذا الأمر وغيره نرجو مراجعة زاد المعاد من هدي خير العباد للعلامة ابن القيم رحمه الله فقد أجاد فيه وأفاد.
والله أعلم.