السؤال
هل إن زرعت زرعا في بيتي ثم تركته يموت عطشا مع قدرتي علي سقايته يكون ذلك حراما أو مكروها، وماذا إن لم يكن في بيتي ولست من زرعته ولكني قادر علي سقايته؟
هل إن زرعت زرعا في بيتي ثم تركته يموت عطشا مع قدرتي علي سقايته يكون ذلك حراما أو مكروها، وماذا إن لم يكن في بيتي ولست من زرعته ولكني قادر علي سقايته؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت هذه الأشجار أشجارا ينتفع بها الخلق، ففي غرسها وسقيها أجر مرغب فيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل. رواه أحمد، وقال: من أحيا أرضا ميتة فله أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة. رواه أحمد وصححه الألباني.
وفي صحيح البخاري ومسلم وغيرهما، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: ومقتضاه أن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولا منه ولو مات زارعه أو غارسه ولو انتقل ملكه إلى غيره. انتهى.
وفي تضييع الزرع إضاعة للمال وإهلاك للحرث وهو مرهب منه ومنهي عنه وقد كره الله إضاعة المال ونهي عن إهلاك الحرث والنسل بذم من فعل ذلك، كما في قوله تعالى: وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد {البقرة:205}.
وفي الحديث: إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا: فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال. رواه مسلم.
وأما مزرعة جارك فإن سقيك إياها من إحسان جواره الذي رغب الشارع فيه، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. متفق عليه، ولمسلم: فليحسن إلى جاره. ولأحمد: فليكرم جاره.
وقد نص كثير من أهل العلم على وجوب بذل فضل الماء له إن طلب منك ماء لسقي أرضه واستدلوا بحديث مسلم: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء. وراجع في ذلك شروح خليل ونيل الأوطار وسبل السلام.
وأما قيامك أنت بسقايته بنفسك فلم نر نصا لأهل العلم في وجوبه عليك، ولكنه من مكارم الأخلاق التي يتعين الاعتناء بها.
والله أعلم.