أداء العمرة مع عدم استشعار الحكمة من تشريعها

0 186

السؤال

ما هو حكم الدين في من يذهب إلي العمرة ويستشعر أن بها ما لا يقبله العقل و لكنه يفعلها رضا لله وقد يقوم بكل المناسك دون فهم الجدوى كما أنه يستشعر أن بيت الله ليس كما تخيل عظيما وكبيرا وأنه حجارة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأفعال الحج هي من بين بعض العبادات التي أمر الله تعالى بها عباده على وجه التعبد مع عجز عقولهم عن إدراك الحكمة منه، فيكون الباعث على فعلها هو مجرد الخضوع والامتثال لأوامر الله تعالى، فتظهر حينئذ حكمة الابتلاء والاختبار في أمثال هذه العبادات، وليس في شيء منها مخالفة للعقل بل العقل عاجز عن إدراك الحكمة التي في مثل هذا وعقل الإنسان بطبعه متصف بالعجز والقصور، وقد أزال الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين مثل هذا الإشكال مبينا لسر إخفاء وجه التشريع لمناسك الحج والعمرة قائلا: فأما ترددات السعي ورمي الجمار وأمثال هذه الأفعال فلا حظ للنفوس ولا أنس فيها ولا اهتداء للعقل إلى معانيها، فلا يكون في الإقدام عليها باعث إلا الأمر المجرد وقصد الامتثال للأمر من حيث إنه أمر واجب الاتباع فقط، وفيه عزل للعقل عن تصرفه وصرف النفس والطبع عن محل أنسه، فإن كل ما أدرك العقل معناه مال الطبع إليه ميلا ما فيكون ذلك الميل معينا للأمر وباعثا معه على الفعل، فلا يكاد يظهر به كمال الرق والانقياد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحج على الخصوص: لبيك بحجة حقا، تعبدا ورقا. ولم يقل ذلك في صلاة ولا غيرها.

وإذا اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى ربط نجاة الخلق بأن تكون أعماله على خلاف هوى طباعهم وأن يكون زمامها بيد الشرع فيترددون في أعمالهم على سنن الانقياد وعلى مقتضى الاستعباد، كان ما لا يهتدى إلى معانيه أبلغ أنواع التعبدات في تزكية النفوس وصرفها عن مقتضى الطباع والأخلاق، وإذا تفطنت لهذا فهمت أن تعجب النفوس من هذه الأفعال العجيبة مصدره الذهول عن أسرار التعبدات.

وهذا القدر كاف في تفهم أصل الحج إن شاء الله تعالى. انتهى.

وعليه، فمادام المسلم يؤدي أفعال الحج أو العمرة امتثالا لأوامر الله تعالى فهو على خير إن شاء الله تعالى، ولا يضره عدم فهم الحكمة من الشعائر التي يؤديها، فإن عقله قاصر عن إدراك تلك الحكمة.

وللفائدة يرجى الرجوع إلى الفتوى رقم: 56329 والفتوى رقم: 8139.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة