السؤال
س : هل صحيح أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل وضوء المرأة وفي جواز ذلك مضطربة ،فإن كان كذلك أرجو توضيح الاضطراب .
س : هل صحيح أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل وضوء المرأة وفي جواز ذلك مضطربة ،فإن كان كذلك أرجو توضيح الاضطراب .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإنه قد جاء في جواز طهارة الرجل بفضل طهور المرأة أحاديث ، كما ورد في منع ذلك أيضا أحاديث أخرى، والمعروف عند أهل مصطلح الحديث أن الأحاديث إذا تعارضت واختلف الرواة في متنها أو سندها ولم يمكن الترجيح بينها تسمى مضطربة. قال الحافظ ابن كثير في الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث: والمضطرب هو الحديث الذي اختلف الرواة فيه على شيخ بعينه أو من وجوه أخرى متعادلة لا يترجح بعضها على بعض، وقد يكون تارة في الإسناد وتارة في المتن. انتهى. والاضطراب يوجب ضعف الحديث. قال السيوطي: ما اختلفت وجوهه حيث ورد * من واحد أو فوق متنا أو سند ولا مرجح هو المضطرب * وهو لتضعيف الحديث موجب انتهى.
ولذلك رأى الإمام أحمد أن هذه الأحاديث الواردة في الأمرين مضطربة كما نقل عنه الميموني، لكن قد أجاب الحافظ ابن حجر عن كلام أحمد هذا بقوله: وقول أحمد أن الأحاديث الواردة في منع التطهر بفضل المرأة وفي جواز ذلك مضطربة إنما يصار إليه عند تعذر الجمع وهو محكي بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء والجواز على ما بقي من الماء، وبذلك جمع الخطابي. أو يحمل النهي على التنزيه جمعا بين الأدلة. انتهى. قال في تحفة الأحوذي: حمل النهي على التنزيه أولى. ومما يجدر التنبيه عليه أن الإمام أحمد لا يرى بأسا في اغتسال الرجل والمرأة معا في إناء واحد. قال ابن قدامة في المغني أنه قال: إذا خلت به فلا يعجبني أن يغتسل به، وإذا شرعا فيه جميعا فلا بأس. انتهى.
وعليه، فإن كلام الإمام أحمد إنما هو في الأحاديث التي فيها التصريح بجواز طهور الرجل بفضل المرأة مثل حديث ميمونة في اغتسالها من الجفنة كما رواه أصحاب السنن، وما في معناه، والأحاديث التي فيها التصريح بالنهي عن تطهر الرجل بفضل طهور المرأة مثل حديث ابن عبد الرحمن الحميري الذي رواه أبو داوود والنسائي، وما في معناه مثل حديث الحكم عن ابن عمر كما في أبي داود، أما اغتسالهما من إناء واحد الذي هو ثابت في الصحيحين فلا يعتبره أحمد من هذا الباب، لذلك فهو لا يرى به بأسا كما تقدم.
وعليه، فإن أحاديث الصحيحين الدالة على الاغتسال من إناء واحد غير داخلة فيما نسب إلى الإمام أحمد من اضطراب أحاديث الطرفين بدليل أنه يقول بمضمونها ولا إشكال عنده فيها.
وخلاصة القول أن أحاديث الصحيحين غير معنية بما نقل عن الإمام أحمد، وأن الأحاديث الأخرى قد أجاب عن كلامه فيها الحافظ ابن حجر بأن الجمع ممكن فهي غير مضطربة.
والله أعلم.