السؤال
لي سؤالان..
أولهما: قال الذهبي عن ابن خزيمة: (كان رأسا في الحديث.. رأسا في الفقه.. من دعاة السنة.. وغلاة المثبتة).. وذلك كما في مختصر العلو للألباني رحمه الله.. ص226 طبعة المكتب الإسلامي.. فما معنى (من غلاة المثبتة).. هل ذلك ذم له.. والسؤال الثاني: وهو عاجل جدا بارك الله فيكم.. أرجو منكم سرعة الرد.. وهو: في الفتوى رقم [6707] بعنوان: (الله فوق عرشه، بائن عن خلقه).. ذكرتم أقوال الأئمة رحمهم الله جميعا.. وبعض هذه الأقوال وقفت على مصادرها.. والبعض الآخر لم أقف عليه.. وأنا محتاج جدا إلى هذه المصارد بارك الله فيكم.. فأرجو أن تبينوها؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الذهبي هذا الكلام في كتابه العلو للعلي الغفار، ومن المعلوم أن الحافظ الذهبي رحمه الله كان من مثبتة الصفات كما هو واضح في كلامه في كتاب العلو، وفي كتابه سير أعلام النبلاء، فيمكن أن يحمل كلامه على إنكاره ابن خزيمة غلوه في الشدة على المخالفين.
وقد كان الذهبي يعترف بإمامة ابن خزيمة ويثني عليه كما يعلم من حديثه عنه في السير، وكان ينكر عليه تكفيره المطلق لمن لم يثبت الصفات.
قال الذهبي في السير بعد كلام طويل في الثناء على ابن خزيمة: قال الحاكم: سمعت محمد بن صالح بن هانئ، سمعت ابن خزيمة يقول: من لم يقر بأن الله على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته فهو كافر حلال الدم وكان ماله فيئا ، قلت: من أقر بذلك تصديقا لكتاب الله ولأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به مفوضا معناه إلى الله ورسوله ولم يخض في التأويل ولا عمق فهو المسلم المتبع، ومن أنكر ذلك فلم يدر بثبوت ذلك في الكتاب والسنة فهو مقصر والله يعفو عنه؛ إذ لم يوجب الله على كل مسلم حفظ ما ورد في ذلك، ومن أنكر ذلك بعد العلم، وقفا غير سبيل السلف الصالح وتمعقل على النص فأمره إلى الله. نعوذ بالله من الضلال والهوى.
وكلام ابن خزيمة هذا وإن كان حقا فهو فج لا تحتمله نفوس كثير من متأخري العلماء.
قال أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه: سمعت ابن خزيمة يقول: القرآن كلام الله تعالى ومن قال: إنه مخلوق فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل ولا يدفن في مقابر المسلمين، فليعذر من تأول بعض الصفات. وأما السلف فما خاضوا في التأويل بل آمنوا وكفوا وفوضوا علم ذلك إلى الله ورسوله، ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقل من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه.
وأما الكلام على الفتوى المذكورة وعزو الأقوال المذكورة فيها إلى مصادرها فلعلك لم تجتهد في البحث عنها فهي موجودة فابحث عنها في كتب شيخ الإسلام والذهبي وابن القيم، وإذا عجزت عن بعضها فأرسل لنا ما عجزت عنه.
والله أعلم.