الغلو في تتبع الأوهام مجلبة للوسوسة

0 305

السؤال

مشكلتي أنني موسوس بطريقة مرعبة. فأنا أشك حتى في وجود الشيء أمامي بمعنى أنني إذا تركت شيئا يخصني في مكان ما ثم رجعت إليه بعد قليل أظل أنظر إليه وأدقق في معالمه خشية أن آخذ شيئا لا يخصني. وذلك يرجع إلى عدم مقدرتي على التركيز حيث إن ذهني يكون مشتتا كما أنني أكون مهيئا إلى أنني لن أستطيع التركيز ولن أستطيع تبين ملامح أشيائي ونتيجة لوسوستي في بعض الأمور فذهني يكون مشتتا لأنني قد أفكر في تلك الأمور.فهل يجب علي السؤال عن كل الأمور التي تشغلني حتى أستطيع التركيز و هل آثم إذا لم أفعل مع العلم بأنني قد أتنطع في التفكير في الأشياء أي أنني قد أفكر في أشياء لا يحب الالتفات إليها وهذا من وجهة نظري طبعا حيث أنني لا أعلم طريقة تفكير الناس الطبيعيين؟ و هل أمارس حياتي بدون الالتفات إلى مسألة عدم التركيز حتى لو كنت مهيئا قبل فعل الشيء إلي أنني لن أركز فيه مما قد يكون سببا في عدم تركيزي فعلا؟ و ما حكم استخدامي للأشياء التي اشتريتها وأنا في تلك الحالة من عدم التركيز وما شابه ذلك من الأمور؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبداية نسأل الله أن يرفع عنك هذا الوسواس وأن يربط على قلبك ويثبتك على الحق. ولا ريب أن الشيطان هو الداعي إلى الوسوسة قال تعالى: قل أعوذ برب الناس.... إلى قوله" من شر الوسواس الخناس{الناس:4}. والمؤمن إذا ابتلي بشيء من هذا فعليه أن يعتصم بالله تعالى ويكثر من ذكره حيث إن الشيطان يخنس عند ذكره جل وعلا. وأن لا يلتفت إلى هذه الوسوسة، قال عز من قائل: قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم*ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين {الأعراف:16ـ17}. قال قتادة: أتاك من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك، فصلتك بالله لا يستطيع إلى قطعها سبيلا. واعلم أن التنطع مذموم في الشرع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون. قالها ثلاثا. رواه مسلم. واعلم أيضا أن شريعة الإسلام مبنية على اليسر والسماحة، وليس فيها شيء من الحرج. قال الله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج{الحج: 78}. وقال: فاتقوا الله ما استطعتم{التغابن: 16}. وقال: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها {البقرة: 286}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا. رواه البخاري ومسلم. وهذا لفظ البخاري. وفي رواية أخرى: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.

وعليه، فلست مطالبا بما ذكرت أنك تفعله من التدقيق في الأشياء، ولا بأن تسأل عن كل هذه الأمور التي تشغلك. ولا حرج عليك إن شاء الله في أن تمارس حياتك بدون الالتفات إلى مسألة عدم التركيز، ولا في استخدام الأشياء التي اشتريتها وأنت في تلك الحالة من عدم التركيز. فهون عليك ولا ترهق نفسك بما لست مطالبا به. وأعلم أن الغلو في تتبع تلك الأوهام تستحكم به الوسوسة في الإنسان. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة