وهذا سند صحيح رجاله ثقات، وانظر الفتويين: 18939، 6573.
وإنما جاء لفظ المهديين (بالجمع) في قول النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، وقال الترمذي: حسن صحيح.
قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر: المهدي الذي قد هداه الله إلى الحق، ويريد بالخلفاء المهديين أبابكر وعمر وعثمان وعليا، رضي الله عنهم، وإن كان عاما في كل من سار سيرتهم. اهـ
هذا، وقد صرح كثير من العلماء بأن الأحاديث الواردة في شأن المهدي متواترة تواترا معنويا، منهم الحافظ أبو الحسن السجزي الذي قال في كتابه (مناقب الشافعي): وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم بذكر المهدي. اهـ
وأما المعارك التي يشهدها المهدي، فلم ترد في الأحاديث الواردة في شأن المهدي على وجه التفصيل، وإنما ورد أنه سيخوض معارك، لكن على وجه الإجمال، ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة.
وعند الإمام أحمد من حديث جابر رضي الله عنه أيضا: ... فإذا هم بعيسى ابن مريم، فتقام الصلاة، فيقال له: تقدم يا روح الله، فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم.
قال العلامة محمد حبيب الله الشنقيطي رحمه الله: لم يعين الإمام هنا باسمه، بل أطلق، وورد مقيدا بأنه المهدي في أحاديث أخرى، منها ما أخرجه أبو نعيم عن أبي سعيد والحارث بن أبي أسامة في مسنده عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم المهدي: تعالى صل بنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمير، تكرمة الله لهذه الأمة.
قال ابن القيم بعد ذكره لحديث الحارث: وهذا إسناد جيد. اهـ كلام الشنقيطي.
هذا، وإن الأحاديث التي فيها ذكر المهدي لا تدل على قرب خروجه، وإنما تدل على أن خروجه إنما يكون في آخر الزمان، كما في الحديث الذي صدرنا به الجواب، وإن كان آخر الزمان بدأ ببعثه نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال سهل بن سعد رضي الله عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بأصبعيه هكذا بالوسطى والتي تلي الإبهام: بعثت أنا والساعة كهاتين. رواه البخاري ومسلم، وهذا يدل على قرب خروج المهدي، ولمزيد بيان حول المهدي وأخباره انظر الكتاب: المهدي وفقه أشراط الساعة، للشيخ محمد بن إسماعيل المقدم.
والله أعلم.