السؤال
أتقدم إلى سيادتكم بجزيل الشكر والامتنان على هذا الموقع القيم والهادف ونسأل الله تعالى أن يوفقكم فيما تصبون إليه وأن يدخلنا وإياكم في جنة الفردوس الأعلى بإذن الله وبخصوص سؤالي فهو كالتالي: جاء في كتاب الله تعالى: لم يك شيئا، فلماذا كتبت لم يك وليس لم يكن؟ أجيبوني جزاكم الله ألف خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حذف النون من مضارع كان المجزوم شائع في لغة العرب التي أنزل الله سبحانه وتعالى بها كتابه كما قال: نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين {الشعراء: 193-195}.
وأصل لم يك لم يكن إلا أن النون حذفت تخفيفا لكثرة استعمال هذه اللفظة. قال ابن مالك في الخلاصة:
ومن مضارع لكان منجزم تحذف نون وهو حذف ما التزم.
والأصل يكون، فلما دخل الجازم (لم) صارت لم يكون ، فالتقى ساكنان الواو والنون فحذف الواو لالتقاء الساكنين فصار اللفظ لم يكن، والقياس يقتضي أن لا يحذف منه بعد ذلك شيء آخر، لكنهم حذفوا النون بعد ذلك تخفيفا لكثرة الاستعمال فقالوا: لم يك وهو حذف جائز لا لازم.
وقد جاء كتاب الله تعالى بالأمرين فأحيانا يحذف النون وأحيانا يثبتها كما هو الحال في لغة العرب التي نزل بها، ومن ذلك قولهم في المثل: إن لم يك لحم فنفش. أي صوف، ومن النظم قول عروة بن الورد العبسي:
ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا يغرر ويطرح نفسه كل مطرح
وقول الحطيئة:
ألم أك جاركم ويكون بيني وبينكم المودة والإخاء
كما استعملوها بدون حذف كقول المرقش الأكبر:
خليلي عوجا بارك الله فيكما وإن لم تكن هند لأرضكما قصدا
وقول طرفة:
وإن لسان المرء ما لم تكن له حصاة على عوراته لدليل
وقول زهير:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم.
والله أعلم.