السؤال
أفيدوني جزاكم الله خيرا... أنا أعلم أن كلمة (الغدر) تعني نقض العهد... وأسمع أو اقرأ عن ربط هذه الكلمة بالبحر أو الزمان إلى جانب الإنسان، أؤيد أن بعض الناس يغدر... ولكن البحر والزمن لا... السبب إن هاج البحر فلم يهج إلا بأمر الله... كذلك الزمان فإن تغير حال إنسان (مثلا من فرح إلى حزن) فلم يتغير إلا بأمر الله... والله سبحانه قال في محكم كتابه العزيز: "إن الله لا يخلف الميعاد" فهل فكري صحيح؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد رود النهي عن سب الزمان، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار. وقوله: (وأنا الدهر أقلب الليل والنهار)، يعني به: أن ما يجري فيه من خير وشر بإرادة الله وتدبيره بعلم منه تعالى وحكمة، لا يشاركه في ذلك غيره، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فالواجب عند ذلك حمده في الحالتين، وحسن الظن به سبحانه وتعالى، والرجوع إليه بالتوبة والإنابة.
وورد النهي أيضا عن لعن مخلوقات الله كما هو الحال في الذي لعن بعيره والتي لعنت ناقتها، كما في صحيح مسلم وغيره، والنهي عن سب ولعن هذه المخلوقات سببه أن الذي يحدث فيها أو لها إنما هي أمور قدرها الله وأرادها، دون أن يكون لتلك المخلوقات فيها كسب.
ورغم أن خلق كل شيء وإيجاده خيرا كان أو شرا هو من عند الله تعالى، فهو وحده الخالق وهو وحده النافع والضار، كما قال الله تعالى: قل كل من عند الله {النساء:78}، خلقا وإيجادا، إلا أن الإنسان تنسب إليه أفعاله نظرا لما خصه الله به من عقل وإدراك وجوارح، يستطيع بها التصرف، ولذا فإنه يجزى على أفعاله طبقا لما كسبت أو اكتسبت يده، قال الله تعالى: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير {الشورى:30}، وقال تعالى: من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد {فصلت:46}، وعليه.. فكلمة الغدر يمكن إطلاقها على الإنسان، لا على البحر والزمان.
والله أعلم.