السؤال
ذكر أن كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل، وذكر أنه حلال لنا أن نأكل من طعام أهل الكتاب فهل معنى ذلك أنه يمكن في السفر للخارج أكل طعامهم المحرم لدينا (لحم الخنزير – أو الطير غير المذبوح)
ذكر أن كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل، وذكر أنه حلال لنا أن نأكل من طعام أهل الكتاب فهل معنى ذلك أنه يمكن في السفر للخارج أكل طعامهم المحرم لدينا (لحم الخنزير – أو الطير غير المذبوح)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الله سبحانه وتعالى قد أباح لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث كما في قوله تعالى: يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}.. إلى.. {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم {المائدة: 4ـ5}، قال الإمام محمد بن جرير الطبري: أي ذبائح أهل الكتاب من اليهود والنصارى، إذن فطعامهم المباح لنا هو ذبائحهم ومالم يرد في شرعنا تحريمه علينا. وأما ورد في شرعنا تحريمه علينا فهو حرام، ومن ذلك الميتة والخنزير والدم ومالم يذكر اسم الله عليه كما في قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق {المائدة: 3}. وكذلك حرم علينا الخمر والميسر في قوله: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون {المائدة: 90}. ونحو ذلك مما حرم علينا استعماله والإقدام عليه فإنه لايجوز لنا ولو كان في دين أهل الكتاب حله كالخمر والخنزير مثلا فإنه حرام، وأما الميتة فليست مباحة في دينهم أصلا وإنما يأكلها منهم من لا دين له.مع التنبيه إلى أن دينهم منسوخ بالإسلام ويجب عليهم الإسلام ولا يقبل منهم غيره فالقرآن ناسخ لما قبله كما قال تعالى: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه {المائدة: 48}. أي ناسخا له. وأما الآية التي ذكرتها وهي قوله تعالى: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة {آل عمران: 93}. فمعناها أن كل الطعام كان حلالا لبني إسرائيل في عهد يعقوب عليه السلام فحرم يعقوب على نفسه بعض ذلك وقد قيل إنه حرم لحوم الإبل وألبانها وقيل كل لحم فيه عرق وقيل غير ذلك، ثم لما أنزل الله على موسى التوراة حرم فيها بعض الأشياء الأخرى إضافة إلى ذلك كما في قوله سبحانه: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون {الأنعام:146}، فحرم الله سبحانه وتعالى عليهم ذلك في التوراة بسبب بغيهم وظلمهم ثم بين سبحانه أنه أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم ليحل لنا الطيبات ويحرم علينا الخبائث كما في قوله: الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والأنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث {لأعراف: 157}. قال ابن جرير الطبري: ومن الطبيات ما كان يحرمه أهل الجاهلية من البحائر والسوائب ونحوها ومن الخبائث التي حرمها سبحانه لحم الخنزير والربا وما كانوا يستحلونه من المطاعم والمشارب التي حرمها الله كالميته وغيرها. انتهى منه بتصرف، وهو قول ابن عباس رضي الله عنه كما نقله القرطبي وغيره. وانظر الفتوى رقم:2952. فلا يجوز للمسلم أن يطعم شيئا مما حرم الله ورسوله من خمر أو خنزير أو ميته وغيرها ولو أبيح ذلك في الأديان السابقة فإنه محرم في دين الإسلام وهو مهيمن على جميع الأديان ناسخ لها، مع التنبيه إلى أن السفر إلى تلك البلاد لا يجوز إلا بضوابط بيناها في الفتوى رقم: 22641 ، والفتوى رقم: 63168.