تفسير قوله تعالى (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) سورة الإسراء

0 319

السؤال

أرجو منكم التكرم بشرح الآية رقم 33 من سورة الإسراء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالآية رقم 33 من سور الإسراء هي قول الله تعالى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا.

وإننا ننقل لك تفسير الإمام الشوكاني لهذه الآية من تفسيره (فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير) فقد فسر هذه الآية تفسيرا شاملا لمعانيها، وبأسلوب سهل ميسر، قال رحمه الله: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق والمراد بالتي حرم الله التي جعلها معصومة بعصمة الدين أو عصمة العهد، والمراد بالحق الذي استثناه هو ما يباح به قتل الأنفس المعصومة في الأصل، وذلك كالردة والزنا من المحصن، وكالقصاص من القاتل عمدا عدوانا وما يلتحق بذلك والاستثناء مفرغ: أي لا تقتلوها بسبب من الأسباب إلا بسبب متلبس بالحق أو إلا متلبسين بالحق، وقد تقدم الكلام في هذا في الأنعام.

ثم بين حكم بعض المقتولين بغير حق فقال: ومن قتل مظلوما أي لا بسبب من الأسباب المسوغة لقتله شرعا فقد جعلنا لوليه سلطانا أي لمن يلي أمره من ورثته إن كانوا موجودين، أو ممن له سلطان إن لم يكونوا موجودين، والسلطان التسلط على القاتل إن شاء قتل وإن شاء عفا وإن شاء أخذ الدية.

ثم لما بين إباحة القصاص لمن هو مستحق لدم المقتول، أو ما هو عوض عن القصاص نهاه عن مجاوزة الحد فقال: فلا يسرف في القتل أي لا يجاوز ما أباحه الله له فيقتل بالواحد اثنين أو جماعة، أو يمثل بالقتيل أو يعذبه، قرأ الجمهور لا يسرف بالياء التحتية: أي الولي وقرأ حمزة والكسائي تسرف بالتساء الفوقية، وهو خطاب للقاتل الأول، ونهي له عن القتل: أي فلا تسرف أيها القاتل بالقتل إن عليك القصاص مع ما عليك من عقوبة الله وسخطه ولعنته.

وقال ابن جرير: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وللأئمة من بعده: أي لا تقتل يا محمد غير القاتل ولا يفعل ذلك الأئمة بعدك، وفي قراءة أبي ولا تسرفوا.

ثم علل النهي عن السرف فقال: أي مؤيدا معانا، يعني الولي، فإن الله سبحانه قد نصره بإثبات القصاص له بما أبرزه من الحجج، وأوضحه من الأدلة، وأمر أهل الولايات بمعونته والقيام بحقه حتى يستوفيه، ويجوز أن يكون الضمير راجعا إلى المقتول، أي إن الله نصره بوليه، قيل وهذه الآية من أول ما نزل من القرآن في شأن القتل لأنها مكية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات