أقوال أهل العلم في التصرف في الأشياء الموقوفة

0 524

السؤال

أرض موقوفة طلب أحد الاشخاص من هيئة الأوقاف استخدامها فاشترطوا عليه أن يبني عليها بناء من طابقين في مقابل تمليكه لجزء من الأرض بما عليها من البناء ويبقي الجزء الآخر ملكا للأوقاف هل يجوز لهذا الشخص الإقدام علي هذه المعاملة وامتلاكه للأرض الموقوفة علما بأن صاحب الوقف لم يشترط ذلك عند وقفه لها أفيدوني أفادكم الله وجزاكم كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :

فإن الواجب أن يظل الوقف باقيا يعمل فيه حسب شروط الواقف التي لا حيف فيها ولا جنف، ولا يجوز بيعه ولا التصرف فيه بما يخرجه عن وقفيته. هذا هو الأصل، لقوله صلى الله عليه وسلم المتفق عليه لما استأمره عمر رضي الله عنه في شأن أرض له بخيبر":إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها ، فتصدق بها عمر؛ أنها لا يباع أصلها ولا يورث ولا يوهب" متفق عليه . وقد ذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه إلى عدم جواز بيع الوقف واستبداله بغيره مطلقا أخذا بعموم هذا الحديث، وللإمام أحمد رواية أخرى وهو أنه لا يجوز بيعه ولا استبداله بغيره إلا أن تتعطل منافعه بالكلية، ولا يمكن الانتفاع به ولا تعميره وإصلاحه أو دعت المصلحة إلى ذلك ، والدليل على ذلك ما فعله عمر رضي الله عنه حين بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب فكتب إلى سعد أن انقل المسجد الذي بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد . وكان هذا العمل بمشهد من الصحابة فلم ينكر فهو كالإجماع . وقد ذهب إلى هذا القول الأخير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث يقول: " ومع الحاجة يجب إبدال الوقف بمثله، وبلا حاجة يجوز بخير منه لظهور المصلحة" ولاشك أن هذا القول هو الوسط الذي يراعي المصالح، ويتقوى بفعل عمر الذي تقدم، مع العلم بأن عمر هو صاحب الحديث المتقدم ، ولو فهم منه عدم جواز نقل الوقف والتصرف فيه بما يتماشى مع المصلحة لما أقدم على نقل المسجد ، وجعل مكانه سوقا للتمارين.
لذا فإنا نرى أن شراء الأرض الموقوفة من الجهة المسؤولة عن الأوقاف ماض ولا حرج فيه إذا كانت تلك الأرض معطلة، ولا يمكن تعميرها واستغلالها لصالح الوقف إلا ببيعها أو بيع جزء منها. والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة