السؤال
أنا إيطالي اعتنقت الإسلام منذ ثلاث سنوات سؤالي هو، أني أواجه صعوبات كبيرة في التعامل مع كثير من المسلمين القادمين من شمال أفريقيا وخاصة المغرب تصل أحيانا إلى الجدال الحاد وأحيانا يحاولون استعمال العنف وذلك كله لأني لا أتقبل معتقداتهم التي لا تمت للإسلام بصلة مثل الرقية غير الشرعية الشعوذات والبدع ولعدم تقبلي ذلك يغضبون ولا أعرف كيف يمكن أن أخالطهم وأذهب إلى المسجد بدون أن أعرض ديني ونفسي للخطر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا نسأل الله أن يثبتك ويزيدك هدى واستقامة، ونفيدك أن المسلم يتعين عليه القيام بالتناصح مع إخوانه والتواصي معهم بالحق والصبر، عملا بقول الله تعالى: والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر {العصر:1-2-3}.
وعليه أن يتوخى في ذلك الحكمة والجدل بالحسنى عند الحاجة عملا بقوله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن {النحل:125}.
فليحرص المسلم على إيضاح فكرته بالقول اللين ما استطاع إلى ذلك سبيلا، عملا بقوله تعالى لموسى لما أرسله لفرعون: فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى {طه:44}، وبقوله له: اذهب إلى فرعون إنه طغى* فقل هل لك إلى أن تزكى {النازعات:18}، فعليك بالرفق في دعوتك عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: عليك بالرفق. رواه البخاري ومسلم، وبقوله لها: يا عائشة أن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. رواه مسلم.
وإن لاحظت منهم الدعوة لما عندهم من الشعوذة والدجل فيشرع الرد عليهم وإغلاظ القول عليهم إن كنت تستطيع ذلك وتأمن من حصول مفسدة أعظم، عملا بقول الله تعالى: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم {التحريم:9}، ولا تلجأ إلى العنف أبدا فإن وصل الحال إلى أن يحاولوا الاعتداء عليك فأعرض عنهم ولا تجادلهم وتوكل على الله ولا تخف من غيره، وحصن نفسك بالأذكار والتعوذات المأثورة، وحافظ على الصلاة في المسجد ما لم تخف حصول ضرر على نفسك، وابحث عن صحبة صالحة تعينك على الاستقامة على الدين وتستغني بهم عن مخالطة المبتدعة ويعينونك في الرد عليهم.
واعلم أن المبتدع يتعين بيان الحق له وبذل النصح ومحاولة إقناعه، فإن تعصب وكابر فيشرع هجره إذا تحققت بذلك المصلحة، ولكن لا يحملنك ذلك على ترك الصلاة في المسجد، فقد أفتى أهل العلم بأن الحق لا يترك للباطل، فلا يترك حضور الجمع والجماعة بسبب وجود البدع عند المصلين، واحتج أهل العلم لذلك بإتيان النبي صلى الله عليه وسلم للمسجد الحرام وصلاته فيه قبل الهجرة مع وجود الأصنام عنده، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19998، 7119، 1858، 31768، 62868، 62766، 48654.
والله أعلم.