السؤال
ما سبب اختيار المسلمين يوم الجمعة عطلة وكذلك يوم السبت والأحد لليهود والنصارى ؟ وشكرا لكم.........
ما سبب اختيار المسلمين يوم الجمعة عطلة وكذلك يوم السبت والأحد لليهود والنصارى ؟ وشكرا لكم.........
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الله تعالى خص هذه الأمة بيوم الجمعة وهداها له، فاختارته عيدا أسبوعيا لما فيه من الفضل، وأضل الله عنه من كان قبلها، فكان لليهود السبت وللنصارى الأحد... ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة. بيد أن كل أمة أوتيت الكتاب من قبلنا. وأوتيناه من بعدهم. ثم هذا اليوم الذي كتبه الله علينا هدانا الله له. فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدا، والنصارى بعد غد. وفيه أيضا عن أبي هريرة وعن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد.. فجاء الله بنا، فهدانا الله ليوم الجمعة. فجعل الجمعة والسبت والأحد. وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق. وقد أخرج أبو داو ود وابن ماجه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر : ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته، وروى ابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى عليه وسلم خطب الناس يوم الجمعة فرأى عليهم ثياب النمار فقال: ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته. والحديثان
هذا وقد فصل المالكية في حكم التعطيل وترك العمل يوم الجمعة فكرهوه تعبدا خشية التشبه باليهود والنصارى وأباحوه للاستراحة، بل ذكروا أنه قد يؤجر إذا أراد التهيؤ للجمعة والتبكير لها، قال الباجي في المنتقى عند شرح حديث : دخل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد يوم الجمعة وعمر بن الخطاب يخطب فقال عمر أية ساعة هذه فقال يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت، فقال عمر والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل . قال الباجي : وقول عثمان بن عفان وهو المخاطب لعمر بن الخطاب يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء إظهار منه لعذره المباح له الاشتغال به لأنه قد يقيم لعقد بيع أو شغل إلى وقت النداء، وفيه أن البيع ليس بممنوع ذلك اليوم إلى حين وقت النداء، والأصل فيه قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم . وهو يدل على الاشتغال به إلى ذلك الوقت، وإلا لم يصح تركه، وهذا كله يقتضي جواز العمل والبيع والشراء يوم الجمعة إلى وقت الأذان، وروى أشهب عن مالك في العتبية أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يكرهون ترك العمل يوم الجمعة على نحو تعظيم اليهود للسبت والنصارى للأحد . اهـ . ونقل المواق والحطاب والخرشي والدسوقي في شروحهم لمختصر خليل عن ابن عرفة أنه قال : الرواية كراهة ترك العمل يوم الجمعة كأهل الكتاب، ونقلوا عن أصبغ أنه قال : من ترك العمل استراحة فلا بأس به , وأما استنانا فلا خير فيه . وذكر ابن الحاج في المدخل أن العلماء قد كرهوا ترك الشغل يوم الجمعة , وأن يخص يوم الجمعة بذلك خيفة من التشبه باليهود في السبت , وبالنصارى في الأحد, فيحذر من هذا كله قال مالك : رحمه الله كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون أن يترك العمل يوم الجمعة لئلا يصنعوا فيه كما صنعت اليهود والنصارى في السبت والأحد . قال ابن رشد رحمه الله : وهذا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر بمخالفة أهل الكتاب , وينهى عن التشبه بهم .وقال الحطاب في شرح المختصر عند كلام خليل على كراهة ترك العمل يوم الجمعة : يكره ترك العمل يوم الجمعة، يريد إذا تركه تعظيما لليوم كما يفعل أهل الكتاب، وأما ترك العمل للاستراحة فمباح، قال صاحب الطراز وتركه للاشتغال بأمر الجمعة من دخول حمام وتنظيف ثياب وسعي إلى مسجد من بعد منزل فحسن يثاب عليه انتهى . وأما اليهود فإنهم يعطلون يوم السبت لأنهم يزعمون- تعالى الله عن زعمهم ـ أن الله تعالى استراح يوم السبت بعد الفراغ من خلق السماوات والأرض وما فيهما في ستة أيام بدءا من يوم الأحد وانتهاء يوم الجمعة، وقد أنزل الله تعالى في تفنيد هذا الزعم الباطل قوله سبحانه وتعالى: ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب {ق:38}. أي ما مسنا من تعب ولا نصب، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وأما النصارى فإنهم يعظمون يوم الأحد لزعمهم أيضا أن الله أتم فيه خلق الخلق كما في كتبهم، ويذكر بعض المفسرين أنهم يعظمونه لكونه أول يوم بدأ الله فيه الخلق. وعلى كل فإن يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع، وقد أضل الله عنه اليهود والنصارى وهدى إليه الأمة كما سبق في الحديث.
والله أعلم.