السؤال
هل هناك فرق بين العقل والذكاء؟ حيث إننا نجد أناسا من الكفار أذكياء وقد اخترعوا أشياء غاية في التعقيد ومع ذلك لو ماتوا على ذلك لقالوا في النار (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).وشكرا.
هل هناك فرق بين العقل والذكاء؟ حيث إننا نجد أناسا من الكفار أذكياء وقد اخترعوا أشياء غاية في التعقيد ومع ذلك لو ماتوا على ذلك لقالوا في النار (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن أهل العلم عرفوا العقل بتعريفات متقاربة مفادها أنه قوة بها تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية، وتميز بين الحسن والقبيح والخير والشر، وسمي العقل عقلا لأن صاحبه بتمييزه بين الخير والشر والضار والنافع يعقل نفسه عن الوقوع في المهالك والمخاطر.
وأما الذكاء فمجمل تعريفاته عندهم أنه سرعة الفطنة والفهم وتمام العقل، كذا في كتب اللغة كاللسان والقاموس والمصباح ومختار الصحاح، وقد نفى الله تعالى العقل عن الكفار في عدة آيات ومنها قوله تعالى:: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون {الأنفال: 22}.
ومنها قوله تعالى فيهم: صم بكم عمي فهم لا يعقلون {البقرة: 171}.
والمراد بكونهم لا يعقلون أنهم لم يستعملوا عقولهم ولم ينتفعوا بها في الاستدلال بالآيات المرئية والمسموعة الدالة على توحيد الله تعالى وعبادته، فنفى عنهم العقول لأنهم لم يستفيدوا بها في تحصيل الإيمان الموجب لسعادة الدنيا والآخرة، كما نفى عنهم السمع والبصر لأنهم لم يستفيدوا بهما في نظر الآيات وسماعها، فقال فيهم: صم بكم
وقال: أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا {الفرقان: 44}.
قال النسفي رحمه الله في تفسيره للآية: أو نعقل أي نعقله عقل متأمل. اهـ
وقال الشوكاني: قال الزجاج لو كنا نسمع سمع من يعي أو نعقل عقل من يميز وينظر ما كنا من أهل النار. اهـ
ولا منافاة بين ما نفاه الله تعالى عنهم من الانتفاع بالعقل في أمور الإيمان وبين ما أوصلتهم إليه عقولهم من علوم الدنيا واختراعاتها، يدل على ذلك قوله تعالى: ولكن أكثر الناس لا يعلمون * يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون {الروم: 6-7}.
فنفى عنهم العلم الذين ينفعهم في معادهم وأثبت لهم علما بظاهر الحياة الدنيا فقط.
والله أعلم.