السؤال
أنا مقاول مغربي أعمل في بناء المنازل وكل ما يتعلق بالبنايات السكنية وبيعها للمواطنين، وحينما أريد بيع منزل ما لأحد المواطنين، وبعد الاتفاق على الثمن، يطلب مني المشتري وعدا بالبيع، وهذا الوعد هو وثيقة إدارية يكتبها الموثق أتعهد فيها ببيع المنزل الفلاني للشخص المذكور مع تحديد الثمن، وبعد فترة قصيرة علمت أن هذه الوثيقة الإدارية هي ضرورية ومؤكدة للمشتري من أجل طلب قرض ربوي من البنك، وكما تعلمون لا يوجد في المغرب قرض بنكي بدون فائدة، ومنذ أن علمت وأنا في حيرة من أمري، حيث إن أغلب المشترين يلجؤون للقرض بفوائد. فهل علي إثم في إعطائي لهذه الوثيقة التي تسمح للشخص بأخذ القرض من البنك؟ علما أنه إذا لم أعطها له سيلجأ لأحد المقاولين الآخرين والاستفادة منها وشراء بيت آخر. فهل يدخل هذا في باب التعاون على الإثم والعدوان؟ وهل علي التوقف عن إعطاء هذه الوثيقة التي تسهل القرض؟
أفيدونا بالتفصيل، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يجزيك خيرا على تحريك للحلال وابتعادك عن الحرام، وهذه الوثيقة إذا كانت ضرورية للحصول على القرض الربوي أو تساعد في الحصول عليه، فلا يجوز إعطاؤها لمن يعلم أو يغلب على الظن أنه سيستعملها في الحصول على هذا القرض، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة: 2}.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه {الطلاق: 2-3}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته. رواه الطبراني وغيره.
وروى الإمام أحمد عن أبي قتادة وأبي الدهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقال البدوي: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى وقال: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله جل وعلا إلا أعطاك الله خيرا منه.
أما من علمت أنه لن يستعين بهذه الوثيقة على الربا أو جهلت حاله، فلا حرج عليك في كتابتها له.
وراجع للفائدة الفتوى: 50693.
والله أعلم.