السؤال
قال تعالى: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ...
السؤال: ما المراد بالريبة في الآية الكريمة؟ وما هي مظاهرها وصورها؟ وهل يدخل في ذلك ما يكون منها بغير اختيار الإنسان، أم إن ذلك مرفوع عن العبد، لأنه خارج عن طاقته ما دام يكرهه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذين لم يرتابوا هم الذين صدقوا إيمانهم واستيقنوا به وصدقوا قولهم بعملهم الصالح.
قال تعالى: أولئك هم الصادقون {الحجرات: 15} في إيمانهم، لا من أسلم خوف القتل، أو رجاء الكسب، فلما نزلت حلف الأعراب أنهم مؤمنون في السر والعلانية، وكذبوا كما قال القرطبي.
فالريبة عدم اليقين إذ اليقين شرط في صحة الإيمان، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة: فمن لقيت من هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله، مستيقنا بها فبشره بالجنة. رواه مسلم.
وذكر ابن كثير حديثا عن الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء: الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدو بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، والذي يأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والذي إذا أشرف على طمع تركه لله عز وجل. اهـ.
وقال الطبري إمام المفسرين في تلك الآية: يقول تعالى ذكره للأعراب الذين قالوا آمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم: إنما المؤمنون الذين صدقوا الله ورسوله ثم لم يرتابوا: يقول: ثم لم يشكوا في وحدانية الله ولا في نبوة نبيه صلى الله عليه وسلم وألزم نفسه طاعة الله وطاعة رسوله والعمل بما وجب عليه من فرائض الله بغير شك منه في وجوب ذلك عليه. اهـ.
وأما الوساوس التي يجدها المرء فيدفعها عن نفسه، فهي من الشيطان، ودفع المرء لها وكراهيته لها يدل على الإيمان، كما قال صلى الله عليه وسلم للصحابة لما شكوا إليه أنهم يجدون ما يتعاظم أحدهم أن يتلفظ به فقال: ذاك صريح الإيمان.
وانظر الفتوى: 48335، فليس مجرد وجودها في النفس دلالة على إيمان صاحبها وإنما دفعه لها ومجاهدته لنفسه في الإعراض عنها كما قال العلوي في نوازله:
وما به يوسوس الشيطان والقلب يأباه هو الإيمان
فلا تحاجج عن اللعينا فإنه يزيده تمكينا
والله أعلم.