السؤال
هل يجوز لصاحب العقار الذي يدير مكتبا عقاريا وله أملاك أن يأخذ سعي (عمولة بيع) نظير بيع ملك له؟
هل يجوز لصاحب العقار الذي يدير مكتبا عقاريا وله أملاك أن يأخذ سعي (عمولة بيع) نظير بيع ملك له؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعمولة التي يأخذها صاحب مكتب العقار مقابل دلالة المشتري على عقار مناسب له تدخل عند الفقهاء في الجعالة، وقد عرفها الفقهاء: بأنها التزام عوض معلوم على عمل فيه كلفة، ولو غير محدد. وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يجوز اجتماعها ـ الجعالة ـ مع البيع في عقد واحد، قال الدردير في الشرح الصغير: "لا يجوز اجتماع البيع أو الصرف مع جعل أو مساقاة أو شركة أو نكاح أو قراض، ولا اجتماع اثنين منها في عقد". نظمها بعضهم بقوله:
عقود منعنا اثنين منها بعقدة
لكون معانيها معا تتفرق
فجعل وصرف والمساقاة شركة
نكاح قراض ثم بيع محقق
ولك أن تزيد عليهما:
فهذي عقود سبعة قد علمتها
ويجمعها في الرمز "جص مشنق"
وقال صاحب التاج والإكليل: "لا يجوز اجتماع بيع وجعل في عقد لأن الجعل رخصة في نفسه فلا يجوز أن يجمع معه شيء".
وقال القرافي في الفروق: "كل عقد من هذه العقود الستة يضاد البيع، فلذا اختصت في المشهور بأنه لا يجوز أن يجمع واحدا منها مع البيع عقد واحد".
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز اجتماع الجعالة والبيع في عقد واحد، جاء في شرح ميارة عند شرح قول صاحب المتن: "وأشهب الجواز عنه ماض":"أن أشهب يقول بجواز الجمع بين البيع وكل واحد من هذه العقود الست".
وجاء في شرح مختصر خليل للخرشي: "وأجاز ذلك أشهب نظرا إلى أن العقد اشتمل على أمرين كل منهما جائز على انفراده فلا يمنع".
وجاء في شرح البهجة: "اعتمد شيخنا أي: ز ي ـ الزيادي ـ الصحة في الجمع بين الجعالة والمبيع المعين".
والذي يترجح عندنا هو هذا المذهب الأخير، لأن الجعالة ومثلها سائر العقود الستة المذكورة ـ وإن كانت تختلف عن البيع ـ فكل منها جائز على انفراده، وليس هناك محظور في اجتماعها مع البيع في عقد واحد، ولذا قال ابن رشد ـ فيما نقله عنه شراح مختصر خليل ـ : "وقول أشهب أظهر من جهة النظر، وإن كان خلاف المشهور".
فعلى هذا لا حرج ـ إن شاء الله ـ في أن يأخذ صاحب مكتب العقار عمولة نظير بيع عقار له لجواز اجتماع الجعالة مع البيع.
والله أعلم.