السؤال
يقول الله تعالى: فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم. كيف يضل الله العبد ثم يعذبه، وكيف يزين له سوء عمله ثم يعاقبه؟
يقول الله تعالى: فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم. كيف يضل الله العبد ثم يعذبه، وكيف يزين له سوء عمله ثم يعاقبه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عن السؤال نقول لك: إن الله لم يزين للإنسان سوء العمل، وإنما نفسه وهواه والشيطان هم الذين زينوا له ذلك، ثم نقول لك: إنه ليس من الأدب مع الله أن يعترض العبد على شيء من أفعاله.
وفي موضوع سؤالك، فصحيح أنه لا يكون شيء في هذا الوجود إلا بمشيئة الله وأمره الكوني، ولكن الأمر الكوني ليس أمرا للعبد بأن يفعل الفعل أو يتركه، وإنما هو أمر تكوين لكون العبد سيكون على تلك الحال، ولا علم للعبد بأن الله قدر عليه هذا الفعل أو هذا الأمر، وقد أعطاه الله من الجوارح وقوة الإدراك والتفكير ما يستطيع به تمييز الحق من الباطل.
ولا شك أن الإنسان في أموره الدنيوية لا يجلس ويترك التسبب في تحصيل معاشه اتكالا على ما هو مقدر له، فكذلك يجب عليه أن لا يحتج في المعصية على أنها مقدرة عليه.
قال ابن تيمية في منهاج السنة: فإن الاحتجاج بالقدر باطل باتفاق أهل الملل وذوي العقول، وإنما يحتج به على القبائح والمظالم من هو متناقض القول متبع لهواه، كما قال بعض العلماء: أنت عند الطاعة قدري وعند المعصية جبري، أي مذهب وافق هواك تمذهبت به، ولو كان القدر حجة لفاعل الفواحش والمظالم لم يحسن أن يلوم أحد أحدا ولا يعاقب أحد أحدا، فكان للإنسان أن يفعل في دم غيره وماله وأهله ما يشتهيه من المظالم والقبائح ويحتج بأن ذلك مقدر عليه. انتهى.
وقال أيضا: والله لا يأمر بالفحشاء ولا يحب الفساد ولا يرضى لعباده الكفر ولا يوجد من خطاب باطن ولا ظاهر للكفار والفساق والعصاة بفعل الكفر والفسوق والعصيان... وإن كان ذلك واقعا بمشيئته وقدرته وخلقه وأمره الكوني... فعلم أن المحتج بالقدر على فعل المعصية متبع لهواه بغير علم، ومن أضل من اتبع هواه. وراجع للمزيد من الفائدة فتوانا رقم: 49314.
والله أعلم.