الرد على من طعن في ابن عباس رضي الله عنهما

0 312

السؤال

ما الرد على من يطعن في ابن عباس؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب علينا جميعا كمسلمين هو حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لثناء الله عليهم، ولإيمانهم به، وتصديقهم لنبيه صلى الله عليه وسلم، ولنصرتهم له، ولما نفعنا الله به من جهادهم في سبيل نصرة دين الإسلام الذي من الله به علينا، وإيصاله إلينا نقيا صافيا.

قال الحافظ ابن كثير: والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل. انتهى.

وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: إن الله نظر إلى قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه.

والطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علامة من علامات أهل البدع والزندقة الذين يريدون إبطال الشريعة بجرح رواتها، قال أبو زرعة: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة. وعن الإمام أحمد أنه قال: إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فاتهمه على الإسلام، وقال الإمام البربهاري: واعلم أن من تناول أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه إنما أراد محمدا، وقد أذاه في قبره. وراجعي في ذلك للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 36106.

والرد على من يطعن في ابن عباس رضي الله عنه هو الرد على من يطعن في أي واحد من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين.

فنقول له أولا: إن طعنك فيه تكذيب لما ثبت في الكتاب والسنة في مواطن متعددة من الثناء على الصحابة رضي الله عنهم، ومن ذلك قوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله {آل عمران:110}، وقوله تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا {البقرة:143}، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من ووجه بهذا الخطاب فهم معنيون به بالدرجة الأولى، قال الله عز وجل: لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون* أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم {التوبة:88-89}، وقال عز وجل: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم {التوبة:100}، وقال سبحانه: لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم {التوبة:117}، وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه معهم، قال الله تعالى: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم {الكهف:28}، وقال سبحانه: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا* ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما  {الفتح:18-19}، وقال عز وجل: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما {الفتح:29}.

وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وقال أيضا: النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون. رواه مسلم.

وكذلك ثبت في السنة المطهرة النهي عن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه. رواه البخاري ومسلم. إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة الصريحة.

وإذا كان جميع ما سقناه من الآيات والأحاديث هو في عموم الصحابة، فإن ابن عباس رضي الله عنهما هو حبر هذه الأمة وفقيهها، وإمام التفسير، وكان يدعى فتى الكهول، وقد أوتي لسانا سؤولا، وقلبا عقولا، وكان أجمل عصره وأفصحهم وأعلمهم، وكان إذا مر من طريق قال الناس: أمر المسك؟ أم مر ابن عباس؟ دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. أخرجه الإمام مسلم.

وأخرج الإمام البخاري في فضائل الصحابة أنه دعا له أيضا بقوله: اللهم علمه الكتاب، اللهم علمه الحكمة. هذا بالإضافة إلى ماله من حق بسبب قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ونوصيك -أيتها الأخت الكريمة- بعدم مخالطة من يقع في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك مجالستهم مطلقا، فإن مرضهم معد، ولقد نهى السلف أشد النهي عن مخالطة أهل البدع، ونسأل الله تعالى أن يتقبل غيرتك لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وحرصك على الدفاع عنهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة