السؤال
قال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. فهل يستطيع الجن التلبس في الإنسان؟ وإن كان هذا الكلام صحيحا أريد بعض الأدلة، وإن كان هذا صحيحا، فكيف يتحكم الجن في الإنسان ويقوده إلى تصرفات لا يعلم بها ولا يريد أن يفعلها؟ قال الله تعالى: وأن الله ليس بظلام للعبيد. فإن هذا تسليط على الإنسان، مثلا: شخص تلبس فيه الجان، وعاش مع الجان حتى توفي. فكيف يحاسبه الله وهو لا يعلم من أمره شيئا؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تلبس الجن بالإنسان ثابت بنصوص الوحي، ومشاهد في واقع الناس، تجد الأدلة على ذلك في الفتوى: 15307، والفتوى: 35281، وما أحيل عليه فيهما.
فكما أن بعض الظلمة والفسقة من الإنس يتسلطون على الناس ويؤذونهم بوسائل شتى ولأغراض مختلفة، فكذلك الجن لهم في ذلك أغراض مختلفة... وربما كان تلبسهم بالإنس انتقاما من الإنسي لأنه آذاهم أو ما أشبه ذلك.
وأما كيف يحاسب الله تعالى إنسانا أصيب بالجنون... فإن المجنون لا حساب عليه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وأصحاب السنن.
فالتكليف مناطه العقل والاستطاعة، فقد قال الله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [البقرة:286]، وفاقد العقل غير مستطيع، ولهذا قال أهل العلم: إن الله تعالى إذا سلب ما وهب (العقل) أسقط ما أوجب. وكما في الآية التي أشار إليها السائل (وأن الله ليس بظلام للعبيد)، وقال تعالى: إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما [النساء:40].
والله أعلم.