السؤال
عندى بنت عمرها 20سنة معاقة عقليا وجسديا لا تمشي ولا تتكلم ولا تعرف شيئا أبدا، ومعها نقص فقدان ذاكرة، وهي يصرف لها إعانة من الدولة مبلغ 8000 ريال كل سنة وهى لا تأكل إلا إذا أكلناها، ولا تشرب إلا إذا شربناها؛ لأنها لا تعرف شيئا أبدا.1- هل يجب عليها الصيام؟2-هل المبلغ الذى تدفعه الدولة لها كإعانة فيه زكاة؟ وإذا كان فيه زكاة هل يجوز الأخذ من زكاته؟3-هل إذا كان علينا إفطار صائم عنها هل يجوز أن نفطر الصائم من المبلغ الذى تدفعه الدولة أم من عندنا نحن؟4- هل يجب ان نوكل أحدا عنها أن يحج أو يعتمر عنها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم في الفتوى رقم 46264 أنه من شروط التكليف العقل، ومن كان غير عاقل فهو غير مكلف لا تجب عليه صلاة ولا صيام ولا حج، أما الزكاة فإنها تجب في المال المذكور إذا حال عليه الحول وهو نصاب، فيخرجها الولي، كما أوضحنا في الفتوى المشار إليها، لذا فإذا كان المبلغ الذي يدفع للبنت المذكورة يحول عليه الحول وهو نصاب فقد وجبت فيه الزكاة، وإن كان يستهلك قبل تمام الحول فلا زكاة فيه، وتدفع زكاة هذا المال إلى الفقراء والمساكين؛ فإن كان في أهل البيت من إخوانها وأخواتها ونحوهم ممن لا تلزمها نفقتهم من يستحقها فلا مانع من دفعها له وإلا فهي حق للفقراء أينما كانوا.
أما بالنسبة لإفطار الصائم فإنه ليس واجبا مع أنه مرغب فيه وعليه فإذا أردتم أن تدفعوه عنها فليكن ذلك على حساب من يدفعه لا من مالها هي ولو كان من يدفع ذلك عنها أبوها لأن العلماء ذكروا أن الوالد ليس له أن يتبرع بمال الولد ولا يتصرف فيه إلا بما فيه المصلحة كما سبق في الفتوى رقم: 31108.
وقد ذكر ابن قدامة في المغني أن جواز أخذ الوالد من مال الولد مقيد بشرطين، أحدهما: ألا يجحف بالابن ولا يضربه ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته. الثاني: ألا يأخذ من مال الولد فيعطيه الآخر. انتهى.
وقال في المبسوط في الفقه الحنفي: ولا يجوز للأب أن يغصب من مال ولده الصغير شيئا لأنه صار نائبا عن الصغير في التصرف في ماله لتوفير المنفعة عليه، وذلك بالتبرع لا يحصل. انتهى. وفي المدونة قال مالك: لا يجوز هبة مال ابنه الصغير ولا يتصدق بمال ابنه الصغير. انتهى.
وإذا كان الوالد ممنوعا من التصدق بمال محجوره فغيره من الأولياء أحرى في المنع، وحيث إن البنت المذكورة معاقة عقليا فهي غير مكلفة بالحج كما قدمنا؛ لأن العقل شرط لوجوب الحج، وبالتالي فلا يجب الحج عليها، ولا يجب عنها. قال ابن قدامة في المغني بعد أن ذكر شروط وجوب الحج: وهذه الشروط ... منها ما هو شرط للوجوب والصحة وهو الإسلام والعقل، فلا يجب على كافر ولا مجنون ولا يصح منهما؛ لأنهما ليسا من أهل العبادات. انتهى.
وقال عند كلامه على النيابة في الحج: ومن وجدت فيه شرائط وجوب الحج وكان عاجزا عنه لمانع ميؤس من زواله كزمانة أو مرض لا يرجى زواله أو كان نضو الخلق لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة والشيخ الفاني ومن كان مثله متى وجد من ينوب عنه في الحج ومالا يستنيبه به لزمه ذلك وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. انتهى.
فتحصل من هذا أن من لم توجد فيه شروط وجوب الحج أصلا لا يجب عليه الحج ولا إنابة غيره ولو كان عنده مال. وعليه فإن أهل البنت المذكورة غير مطالبين بتوكيل من يحج عنها.
والله أعلم.