السؤال
أعتذر مسبقا لدى حضراتكم عن طول عرض هذه الحالة.
مسلم يحاول قدره الالتزام بأحكام الدين ولله الحمد والمنة قبل وبعد كل شيء، يجد صعوبة في التعامل مع زوجته لاختلاف مزاجهما، فقد ولد ونشأ في بلد عربي في عائلة محافظة، وولدت زوجته ونشأت في فرنسا في عائلة تمسكها بالتقاليد أكثر من تمسكها بالدين، وإن كان ذلك لا يخلو من كل خير في بلاد أوروبا، فهي تؤدي الصلاة رغم عدم احترامها للأوقات، وقد ارتدت الحجاب بعد الزواج، إلا أنها من جهة صعبة المزاج فلا تقبل أدنى ملاحظة مهما كانت صائبة ومصحوبة برفق، ومتأثرة من جهة أخرى بالبيئة الثقافية والاجتماعية العامة لهذه البلاد فيما يخص حقوق وواجبات الزوجين، فلا يمر تقريبا أسبوع دون تشاجر بينهما لسبب أو لآخر، وأكثر الأمر إشكالا بينهما تربية بنتيهما الصغيرتين (6 و 3 سنوات)، فالمرأة لا تقبل اطلاقا تدخل زوجها إذا لاحظ أمرا لا يعجبه، رغم عدم أهميته لصغر سن البنات، تعامله في هذا الباب وكأنه جار وليس أبا، فتصوروا يرحمكم الله ما قد يحدث عند بلوغهما، وإذا قام بشأن من شؤون البيت، كغسل الثياب والأواني، لعدم حرصها على فعل ذلك بانتظام فتنتج عن هذا فوضى وروائح، اتهمته بالتدخل فيما لا يعنيه، وإذا لم يفعل اتهمته بالتقصير في مساعدتها، ولا تتوانى في الرد عليه بكلام بذيء بل قد يتعدى الأمر ذلك (قالت مرة: لو جاء عزرائيل ما غيرت رأيي)، ورغم كل محاولاته لإفهامها بوجوب طاعته في المعروف شرعا، ورغم كل محاولاته لإفهامها بخطئها في هذه المسألة أو تلك عقلا، فلا حياة لمن تنادي، وكلما يحدث خلاف بينهما، يهجران بعضهما البعض أياما، ويكون الهجر من الغرفة كلها، تارة منه و تارة منها، ثم غالبا، بل دائما، ما يكون الزوج البادئ في كلام زوجته لحاجته في الجماع طبعا ولكن أيضا صبرا واحتسابا وطيبة، وقد أصبحت الزوجة تعزف عن الجماع تماما وتؤكد أن لا حاجة لها فيه، فإما ترفض اقتراب زوجها منها رفضا، وإما تتعامل معه ببرودة تامة فيجد الزوج مشقة بدنية كبيرة في المعاشرة يفقد معها كل لذة، فأخذ هو الآخر يتخوف من الجماع ويبتعد عنه قدر الإمكان رغم الحاجة القوية إليه، فتدوم هذه الحال شهرا أو أكثر، وأصبح الجماع لا يقع إلا مرات معدودات في السنة بأكملها، ثم إن الزوجة تعتبر تارة تمتع زوجها بها فضلا منها عليه وتارة حطا من قيمتها ومسا بكرامتها فتسمعه كلاما في هذا المعنى كلما تشاجرا أو عاد إليها بعد الشجار كقولها "لست بغيتك" وكلام بذيء آخر لا يذكر، وأصبح صاحبنا مرغما على الدوس على مروءته دوسا كلما أراد الاقتراب من زوجته، ويؤكد أن هذه الحالة قائمة منذ سنوات وتتكرر كل حين، وذاق الرجل من هذا الأمر ذرعا فعزم مؤخرا في قرارة نفسه ألا يقرب زوجته إلا إذا كانت هي التي تطالبه بذلك، رغم تأكده من بعد حصوله، فما رأي الشرع في هذا القرار، أيعتبر إيلاء تترتب عليه أحكام الإيلاء، مع العلم بأن الزوج لم ينو ذلك تماما، إنما هي ردة فعل من باب المروءة لا أكثر، ولا يفكر في الطلاق لأسباب عدة، وما رأي الشرع إذا لجأ الرجل عند الحاجة فقط إلى الاستمناء في هذه الحال طلبا للعفاف وللتركيز، وبصورة عامة، بماذا تنصحون هذا الرجل؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.