بيعة الإمام: ماهيتها، وكيف تتم؟

0 646

السؤال

سؤالي الذي يؤرقني هو: هناك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية)، ولست أدري ما موقفنا -نحن المسلمين- في الغرب من هذا الحديث؟ نشكركم على هذا الموقع المبارك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:‏

فالحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه بلفظ: من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة ‏لا حجة له، ومن مات، وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية. قال القرطبي في شرح ‏مسلم: البيعة مأخوذة من البيع، وذلك أن المبايع للإمام يلزمه أن يقيه بنفسه، وماله، ‏فكأنه بذل نفسه، وماله لله تعالى، وقد وعد الله تعالى على ذلك بالجنة، فكأنه حصلت ‏معاوضة، ثم هي (البيعة) واجبة على كل مسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من مات ‏وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية"، غير أن من كان من أهل الحل والعقد، والشهرة، ‏فبيعته بالقول، والمباشرة باليد، إن كان حاضرا، وبالقول، والإشهاد عليه، إن كان غائبا. ‏

ويكفي من لا يؤبه له، ولا يعرف أن يعتقد دخوله تحت طاعة الإمام، ويسمع، ويطيع له في ‏السر، والجهر، ولا يعتقد خلافا لذلك، فإن أضمره فمات، مات ميتة جاهلية؛ لأنه لم يجعل في ‏عنقه بيعة. انتهى.

وفي حاشية الدسوقي المالكي: ويكفي العامي اعتقاد أنه تحت أمره.

‏وكذلك صرح الحنابلة، والشافعية بأن المعتبر في البيعة هم أهل الحل والعقد من العلماء، ‏والرؤساء، ووجوه الناس، بخلاف العامة، فإنهم لا يلزمهم مبايعة بالقول، ولا بالحضور، بل ‏يلزمهم الطاعة، وعدم الخروج، واعتقاد أنهم تحت أمر الإمام.‏

والمراد بالميتة الجاهلية ما قاله ابن حجر في الفتح: كموت أهل الجاهلية على ضلال، وليس ‏لهم إمام مطاع؛ لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرا، بل يموت ‏عاصيا، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره، ومعناه: أنه يموت مثل موت الجاهلي، وإن لم ‏يكن هو جاهليا، أو أن ذلك ورد مورد الزجر، والتنفير، وظاهره غير مراد، ويؤيد أن المراد ‏بالجاهلية التشبيه: قوله في الحديث الآخر: "من فارق الجماعة شبرا، فكأنما خلع ربقة الإسلام ‏من عنقه". أخرجه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، ومصححا من حديث الحارث بن ‏الحارث الأشعري في أثناء حديث طويل ‏‎…‎‏ انتهى.

فمن كان يعيش في بلاد الغرب، وسمع ‏بوجود إمام مسلم، اجتمع عليه المسلمون، وولاه أهل الحل والعقد، أو جاءته الإمامة عن ‏طريق الاستخلاف، أو التغلب والقهر، وحكم الشرع، لزمه اعتقاد إمامته، والنصح له، والطاعة، ومناصرته، ‏ومعاونته، على قدر الاستطاعة.

وإذا لم يوجد الإمام على الوصف المذكور، فلا يكلف الله ‏نفسا إلا وسعها.

على أن المسلمين يجب عليهم دائما السعي في تنصيب خليفة عام، يجمع ‏شتاتهم، ويقيم لهم دينهم، ودنياهم، وفق منهج الله جل وعلا، واهتداء بكتابه، وسنة رسوله ‏صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم‏.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة