السؤال
وهب والدي بيته إلى أمي فكتبت شقة لأخي وعملت له عقد إيجار لمحل في البيت بدون أن يدفع أخي أي إيجار وبعد وفاة والدي قالت لي أمي تعالي ابني لك شقة في البيت بمالك الخاص بك وسوف أكتبها لك وبعد ما قمت ببناء الشقة ألح عليها أخي أن لا تكتبها لي حتى وافقته أمي وظل أخي يخترع المشاكل معي وجميع طرق التطفيش حتى أترك له الشقة مع أنه قد بنى شقتين فوق شقتي غير التي يسكن فيها حتى أنه سرق عداد الكهرباء الذي قمت بتركيبه للشقة وأخفاه وقام بتشويه صورتي أنا وزوجي أمام الأقارب والجيران بكلام مفترى به علينا ثم منعنا من دخول شقتي أو تكملة تجهيزها وكل هذا ولم أقاطعه ولكنى كنت أذهب إليه وأسأل عليه وعلى زوجته وأولاده وسامحته على ما فعله بنا ومع هذا جاء لي بيتي فأدخله زوجي وتركه ونزل لصلاة الجمعة فطلب منى أن أترك بيت زوجي وأترك أولادي الأربعة وأذهب إلى بيت أمي فرفضت فذهب وقطع أسلاك التليفون وأحضر حديده كبيرة وهددني أن لم أترك له الشقة التي بنيتها في بيت والدي ويعطيني ثمن ما كلفتها فسوف يقتل زوجي وقام بسبي أنا وزوجي على سلم البيت بصوت عال فأضررت أن أعطيها له ولكن بغير رضا منى وحتى لا يطول على أولادي ترويعهم وبعد ذلك طلب من أمي أن تكتب له البيت كله وهددها إن لم تفعل فسوف يقتل زوجي حتى بدأت أمي أن ترضخ الى ما يريد وبعد كل هذا قررت أنا وزوجي أن نقاطعه فهل بعد كل مافعله يكون على ذنب إذا قاطعته وبخاصة أن شهر رمضان قد بدأ فهل ينقص من أجري شيء إن خاصمته فبعد كل ذلك لم أعد أستطيع أن أسامحه0
ولكم جزيل الشكر
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني، فهذا الحديث يدل على خطورة التقاطع والتدابر وحرمته، إذا لم يكن له ما يسوغه شرعا ولا شك في أنه في تلك الحال ينقص الأجر، بل قد ورد أنه لا يغفر لمن بينه وبين أخيه شحناء حتى يصطلحا ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا، إلا امرءا بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.
فننصحك بالصبر على أخيك وعدم مقاطعته وبمجازاته بالإحسان فإنه تحصل لك بذلك معونة الله والأجر العظيم، قال الله تعالى: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين* ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل* إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم* ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور {الشورى:40-43}،
وقال الله تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم* وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم {فصلت:34-35}.
وفي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
ولكن إذا كان الأخ على ما ذكرت من عدوان وظلم فلا بأس باجتنابه من غير قطيعة ، والاكتفاء بأدنى الوصل، من السلام والكلام بالهاتف،
إلا إذا كان في هجره مصلحة، كأن يرتدع بذلك عن أفعاله القبيحة فلا بأس بهجره، قال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى 3/19: وكل من أظهر الكبائر فإنه تسوغ عقوبته بالهجر وغيره ممن في هجره مصلحة له راجحة، فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان. انتهى.
وإذا استطعت أن تأخذي حقك ممن له سلطة من قاض ونحوه في فلا بأس لقوله تعالى: ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل.
والله أعلم.