السؤال
السلام عليكم. لقد كان لي علاقات محرمة مع فتيات قبل أن أتزوج.وقد تبت وتركت كل تلك الافعال ولله الحمد . ولكن إحدى الفتيات فى إحدى المناسبات كانت هناك فتاه قد عرفتها من قبل فأخبرت زوجتى أنها كانت تراسلني وبالعكس فجن جنون زوجتي فسألتني كي تتحقق من الخبر فأنكرت كل شئ وطلبت منى أن أحلف لها فحلفت لأنه إن لم أحلف سنضطر إلى الفراق إلى الأبد.وماذا أفعل مع تلك المرأة التي تحاول زرع المشاكل بيني وبين زوجي مع العلم أنها متزوجة أحد أبناء عمي ولها منه أربعة أولاد. فما الحكم فى الحلف لزوجتى لتخمد نار المشاكل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ينبغي عليك أن تفعله في هذا المقام أن تحسن العلاقة بينك وبين زوجتك، وتجعلها خيرا مما كانت، وأن تشعرها بمكانتها عندك، ومنزلتها في قلبك، وتظهر لها من جميل الأخلاق، وحميد الصفات فوق ما كانت تعهد منك، مما ينسيها هذا الموقف من تلك المرأة.
وعليك أن تتجاهل هذه الفتاة تجاهلا تاما من غير أن تخبر زوجها، أو أحدا آخر بما كان بينكما، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر".
وقال ابن عباس: (إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر). رواهما أبو داود.
ولأنه ربما أدى معرفتهم بما كان بينكما، وما تقوم به الآن، أو ما فعلته الآن، ربما أدى ذلك إلى قطيعة الرحم بينك وبين أبناء عمومتك، أو إلى فراقها من زوجها.
واجتهد في تذكيرها بالستر على ما ارتكبه العبد من معاص، والتحذير من الوقيعة بين المسلمين، لاسيما بين الزوجة وزوجها، ويكون ذلك بطريق غير مباشر عن طريق إهداء زوجها شريطا، أو رسالة دعوية تحمل المعاني السابقة.
وأما كذبك على زوجتك وإنكارك لما قالته الفتاة فلا شيء فيه، وهو من الكذب المرخص فيه. قال النووي رحمه الله:( الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصد محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إذا كان تحصيل المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا). أ.هـ.
والمقصود هو دوام حسن العشرة بينك وبين زوجتك، وهذا أمر قصد إليه الشرع، وحث عليه. وقد روى البخاري ومسلم عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا، أو يقول خيرا".
وفي رواية لمسلم: "لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ذلك، تعني: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها".
وأما حلفك على ذلك لها، فكان الواجب عليك ألا تحلف، وتدفع ذلك عنك، وتقنعها بما استطعت من حجج غير الحلف، ولو اضطررت إلى ذلك اضطرارا كان لك في التعريض مندوحة عن الحلف الكاذب، وهو اليمين الغموس، وحيث وقع الحلف منك، فعليك التوبة والاستغفار، وقال الشافعي بوجوب الكفارة في اليمين الغموس، لدخوله في عموم الأيمان. والله أعلم.