السؤال
لماذا لم يؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد ذكر أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتول الأذان بنفسه لأنه كان مشغولا بما لا يقوم به غيره من مصالح المسلمين وأمورهم العامة؛ بخلاف الأذان ورعاية وقته فإنه يستطيع أن يقوم بذلك غيره. ومثل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك خلفاؤه فقد كانوا لا يتولون وظيفة الأذان لانشغالهم بالأمور العامة. ففي الموسوعة الفقهية في معرض ذكر الخلاف في أفضلية الأذان على الإمامة أو العكس وعرض حجج القائلين بأن الإمامة أفضل: قالوا : كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم بمهمة الأذان ولا خلفاؤه الراشدون يعود السبب فيه لضيق وقتهم عنه, لانشغالهم بمصالح المسلمين التي لا يقوم بها غيرهم, فلم يتفرغوا للأذان, ومراعاة أوقاته, قال المواق: إنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأذان لأنه لو قال: حي على الصلاة, ولم يعجلوا لحقتهم العقوبة, لقوله تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم {النور: 63} وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لولا الخلافة لأذنت. وقال الأقفهسي في شرح الرسالة: اختلف العلماء هل الأذان أفضل أم الإقامة أفضل؟ والمشهور أن الإمامة أفضل ونحوه للبرزلي، وزاد فقال للاحتجاج للقول بأن الأذان أفضل، وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لو قال: حي على الصلاة ولم يعجلوا لحقتهم العقوبة; لقوله تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره، وأما الخلفاء فمنعهم عنه الاشتغال بأمور المسلمين , قال عمر: لولا الخلافة لأذنت. انتهى. وقدأخرج الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن، وقد ضعف الحافظ ابن حجر في فتح الباري رواية الأذان هذه فقال: ومما كثر السؤال عنه هل باشر النبي صلى الله عليه وسلم الأذان بنفسه؟ وقد وقع عند السهيلي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في سفر وصلى بأصحابه وهم على رواحلهم، السماء من فوقهم والبلة من أسفلهم. أخرجه الترمذي من طريق تدور على عمر بن الرماح يرفعه إلى أبي هريرة اهـ. وليس هو من حديث أبي هريرة وإنما هو من حديث يعلى بن مرة، وكذا جزم النووي بأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن مرة في السفر وعزاه للترمذي وقواه. ولكن وجدناه في مسند أحمد من الوجه الذي أخرجه الترمذي ولفظه: فأمر بلالا فأذن. فعرف أن في رواية الترمذي اختصارا؟، وأن معنى قوله أذن أمر بلالا به، كما يقال أعطى الخليفة العالم الفلاني ألفا؛ وإنما باشر العطاء غيره ونسب للخليفة لكونه آمرا به. انتهى. والله أعلم.