السؤال
أرجو من حضرتكم الإفادة عن كيفية الجمع بين هاتين الآيتين: " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء" و قوله تعالى " واني لغفار لمن تاب و امن و عمل صالحا ثم اهتدى" ؟ و جزاكم الله خيرا.
أرجو من حضرتكم الإفادة عن كيفية الجمع بين هاتين الآيتين: " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء" و قوله تعالى " واني لغفار لمن تاب و امن و عمل صالحا ثم اهتدى" ؟ و جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا تعارض بين الآيتين فالآية الأولى تفيد أنه سبحانه تعهد على نفسه بالمغفرة لمن تاب إليه وعمل الأعمال الصالحة كما قال في الآية الأخرى : فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم {المائدة: 39 } وقال تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات {الفرقان: 69 ـ 70 } وقال تعالى : كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم {الأنعام: 54 }
وأما الآية الأخرى فإن شطرها الأول الوارد في الكفار محمول على عدم غفران الشرك إذا مات صاحبه عليه ، وأما لو آمن المشرك فإنه يغفر له اتفاقا لقوله تعالى : وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى {طه: 82 } ولقوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف {الأنفال: 38 }
وأما الجملة الأخرى الواردة فيما دون الشرك فإنه قد حملها أهل العلم على العصاة المسلمين الذين ما توا قبل التوبة ، فهم داخلون تحت مشيئة الله إن شاء غفر لهم وعفا عنهم تفضلا وتكرما منه سبحانه وتعالى ، وإن شاء عذبهم وعاقبهم على معاصيهم ، وأما لو تاب العاصي قل الوصول إلى الغرغرة فإنا نرجو له المغفرة من الله تعالى لقوله تعالى : إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم {النساء: 17 } وللآيات التي ذكرناها سابقا .
والله أعلم .