السؤال
ما حكم من يلعن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ويلعن أبا بكر وعمر وباقي الصحابة، ويعتقد ردتهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يعذر بالجهل من يعتقد بهذه الأمور؟
ما حكم من يلعن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، ويلعن أبا بكر وعمر وباقي الصحابة، ويعتقد ردتهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يعذر بالجهل من يعتقد بهذه الأمور؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحدهم فقد اختلف العلماء فيه، وهل يكفر بذلك أم لا؟ وذلك أن سب الصحابة ليس على مرتبة واحدة، بل له مراتب متفاوتة، فإن سب الصحابة أنواع ودركات، فمنها سب يطعن في عدالتهم، ومنها سب لا يوجب الطعن في عدالتهم، وقد يكون السب لجميعهم أو أكثرهم، وقد يكون لآحادهم، وقد يكون هؤلاء الآحاد ممن تواترت النصوص بفضلهم، وقد يكونون دون ذلك.
فمن استحل سب الصحابة كفر، لأنه من إنكار ما علم من الدين بالضرورة، ومن سب جميع الصحابة أو جمهورهم إلا نفرا يسيرا، أو سب واحدا لصحبته فقد كفر، يقول الإمام السبكي رحمه الله في فتاويه: إن سب الجميع بلا شك أنه كفر، وهكذا إذا سب واحدا من الصحابة حيث هو صحابي، لأن ذلك استخفاف بحق الصحبة، ففيه تعرض إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلا شك في كفر الساب... إلى أن قال: ولا شك أنه لو أبغض واحدا منهما -أي الشيخين أبي بكر وعمر- لأجل صحبته فهو كفر، بل من دونهما في الصحبة إذا أبغضه لصحبته كان كافرا قطعا.
ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضا والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين. انتهى.
ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد كفر، لأنه مكذب للقرآن، نقل القاضي عياض في الشفا، عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال: من سب عائشة قتل. قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن. انتهى.
وقد أجمع المسلمون على ما قاله الإمام مالك رحمه الله تعالى، نقل الإجماع غير واحد من العلماء، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وغيرهما، وقد يكون السب دون ما ذكرت، فلا يصل بصاحبه إلى الكفر، وإن كان فاسقا باتفاق العلماء، وللمزيد من الفائدة حول هذه المسألة تراجع كتب العلماء، كالصارم المسلول لشيخ الإسلام ابن تيمية، والشفا للقاضي عياض، وقد بينا كثيرا من الأحكام المتصلة بهذا الباب في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2429، 56684، 6283، 28835، 56164.
أما عن العذر بالجهل في هذا وأمثاله فقد بيناه في الفتوى رقم: 19084، والفتوى رقم: 30284، والفتوى رقم: 60824.
والله أعلم.