السؤال
ذهبت للحج مع زوجي من عدة سنوات, وأسترجع الآن ما حدث لي.. فقد كنت أخذت حبوبا لمنع الدورة لتأخيرها, وما حصل أن نزل علي دم قبل الوصول لمكة, فأخذت حبتين بدلا من حبة ثم اغتسلت وطفت طواف القدوم ثم سعيت, فوجدت أن قد نزل علي بعض الدم, فقدرت أنه قد نزل وقت السعي ؛لأنه دم قليل وأدركت ساعتها أن الدورة قد بدأت ولا داعي للاستمرار في الحبوب, فاعتزلت المسجد وكانت علي الدورة وقت عرفة وفي منى... ولكني رميت الجمرات كلها لمدة ثلاثة أيام, وعند طواف الإفاضة تأخرت عند أخي في جدة حتى طهرت وطفت طواف الإفاضة, ولا أذكر إن كنت طفت طواف الوداع أم لا ,فهل علي شيء بسبب نزول الدم علي وأنا غير متأكدة إن كان نزل وقت السعي أو الطواف؟ مع أنني أكاد أجزم أنه نزل وقت السعي لقلته..
ثانيا : عند انتهاء السعي أذكر أنني قصصت بضع شعرات فقط من شعري حتى لا أظهره أمام الناس فهل هذا صحيح ؟
زوجي سيذهب للحج هذا العام فهل تنصحوني بالحج معه مرة أخرى مع أنه لا يحبذ ذلك بصفتي حججت معه منذ سنوات, وهل الأولى التصدق بالمال أو إعطائه لذي رحم محتاج ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من استعمال حبوب لتأخير الدورة إذا لم يترتب على ذلك ضرر، وإذا لم تتحققي من نزول الدم أثناء الطواف فإنه صحيح ولا أثر للشك في حصوله أثناءه فإن الأصل كون الحدث يضاف إلى أقرب أوقاته لا إلى ما قبل ذلك, وراجعي الفتوى رقم : 29212 . وقد اختلف أهل العلم في القدر المجزئ من تقصير شعر المرأة عند التحلل فعند الحنابلة والمالكية: لا بد من التقصير من جميع شعر الرأس لا من بعضه قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي : وقال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن المرأة تقصر من كل رأسها ؟ قال : نعم ، تجمع شعرها إلى مقدم رأسها ثم تأخذ من أطراف شعرها قدر أنملة ، والرجل الذي يقصر في ذلك كالمرأة ، وقد ذكرنا في ذلك خلافا فيما مضى . انتهى
وفي المنتقي للباجي وهو مالكي عند كلامه على تقصير المرأة : وكم مقدار ما تقصر روي عن ابن عمر أنه قال : مقدار أنملة ، وقد روى ابن حبيب عن مالك قدر الأنملة أو فوق ذلك بقليل أو دونه بقليل ، وروي عن عائشة يجزيها قدر التطريف قال مالك : ليس لذلك عندنا حد معلوم وما أخذت منه أجزأها ولا بد من أن تعم بالتقصير الشعر كله طويله وقصيره والدليل هو أنها عبادة تتعلق بالرأس فكان حكمها فيه الاستيعاب كالمسح في الوضوء . انتهى
وعند الشافعية يجزئ التقصير بثلاث شعرات فقط ففي أسنى المطالب ممزوجا بروض الطالب على الفقه الشافعي : ( ويجزئ ) في الحلق والتقصير ( ثلاث شعرات دفعة من الرأس ) لوجوب الدم بإزالتها المحرمة واكتفاء بمسمى الجمع ولقوله تعالى : محلقين رءوسكم ومقصرين {الفتح: 27 } أي شعرا من رؤوسكم . انتهى
وعند الحنفية الأفضل التقصير من جميع الرأس لكن يجزئ التقصير من ربعه فأكثر ففي المبسوط للسرخسي وهو حنفي : والتقصير قائم مقام الحلق في حكم التحلل فإذا فعل ذلك في أحد جانبي رأسه أجزأه بمنزلة ما لو حلق نصف رأسه ، وكذلك إن فعله في أقل من النصف ، وكان بقدر الثلث أو الربع فكذلك يجزئه ، لأن كل حكم تعلق بالرأس فالربع منه ينزل منزلة الكمال كالمسح بالرأس ، ولكنه مسيء في الاكتفاء بهذا المقدار ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه ، وأمرنا بالاقتداء به فما كان أقرب إلى موافقة فعله فهو أفضل . انتهى
فبناء على ما عليه بعض أهل العلم لا يجزئك التقصير المذكور إذا لم يكن التقصير من جميع الرأس فقصري بعد الاطلاع على الحكم في هذه المسألة، فأنت بمثابة من أخر الحلق حتى رجع إلى بلده، وبالتالي فالورع في هذه الحالة ذبح شاة في الحرم وتوزيعها على الفقراء من أهله نظرا لمن يقول بهذا من أهل العلم, وراجعي الفتوى رقم : 44838 ، ويجزئ توكيل ثقة يقوم بالذبح المذكور نيابة عنك ، كما أن مذهب الجمهور أن من ترك طواف الوداع يلزمه دم أيضا كما تقدم في الفتوى رقم : 43917 ، وإذا لم تتحققي من ترك الطواف المذكور فلا شيء عليك ، ولا شك أن الإكثار من الحج والعمرة فضله عظيم لمن استطاع ذلك كما سبق في الفتوى رقم : 31892 ، لكن إذا كان الشخص قد أدى فريضة الحج وكان له أقارب فقراء محتاجون فالأفضل أن يتصدق عليهم بما سيبذله في الحج كما تقدم في الفتوى رقم : 39969 ، والفتوى رقم : 14214 ، ومن الأفضل أن يقدم في الصدقة الأقرب رحما فالأقرب؛ لأن الصدقة عليه في هذه الحالة تكون صدقة وصلة ، وراجعي الفتوى رقم: 20621 .
والله أعلم .