السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم يا شيخ بارك الله فيك أفتونا بالحل مأجورين : أنا أعمل في قطاع التعليم في بلد، والعمل فيه يتزامن دائما مع أوقات الصلاة ، وتبعا لذلك أود أن أوجه إلى جنابكم هذه الأسئلة فأجيبوني عنها بالله عليكم:1. ما العمل والصلاة تفوتني دائما بسبب العمل ، وأرباب العمل لا يسمحون لنا بالصلاة ، أوالتغيب من أجل الصلاة ، هل أواصل هذا العمل أم أنقطع عنه ؟ مع العلم أني مغرم بالتعليم، وأفيد التلاميذ، وليس لدي مورد رزق آخر إذا انقطعت عن هذا العمل .2. كيف يفعل التلاميذ الذين يمنعون حتى من الصلاة داخل المعهد ؟3. اذا أمكن لي أو للتلميذ الصلاة منفردا خفية داخل إحدى قاعات الدرس فهل يعتبر ذلك عذرا للتخلف عن الصلاة في المسجد ؟ خاصة وأن المسألة تتكرر في كامل العام الدراسي والنبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاة لمن صلى في بيته ما لم يمنعه عذر من اتباع المؤذن.4. إذا قدرت أن أجمع بعض التلاميذ خفية للصلاة جماعة؛ فهل هذه الجماعة تغني عن الصلاة في المسجد ؟5. هل مقدار الوقت الذي تستغرقه مني الصلاة داخل قاعة الدرس يعتبر سرقة من وقت التلاميذ ؟6. هل تدريسي في هذه الأقسام المختلطة حرام ؟ خاصة وأني أدرس بنات بالغات ، ويتبرجن تبرجا فظيعا ، ويمنع على الأستاذ منعهم من ذلك.أخيرا يا شيخ لدي بعض العلم في أمور الدين وقد اقترح علي والدي تولي منصب إمام وخطيب في أحد المساجد خاصة وأن لدي قدرات هائلة في الخطابة مع التخلي عن مهنة التدريس و ما تحويه من شبهات، ولكن المشكل أن الراتب الذي يقدمونه للإمام ضعيف جدا ، ولا يكفي حتى لإعالة شخص واحد ، ومع ذلك فأنا أجد نفسي مندفعا لذلك ، وأريد أن أقتنع برزق الله ولو كان قليلا ، فهل نيتي إفادة الناس بالإمامة وأخذ الراتب للاستعانة به في الحياة غير جائز ؟ خاصة وأني على أبواب الزواج .
يا شيخ أقسمت عليكم بالله أن تجيبوني على أسئلتي كلها في أقرب وقت ؛ لأني في حزن ولا أعلم ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها عمدا كبيرة من كبائر الذنوب لقول الله تعالى : فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون {الماعون: 4 ـ 5 } قال ابن عباس وغيره في معنى ساهون : أي يؤخرونها عن وقتها
ولقول الله تعالى : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا {مريم: 59 } قال ابن مسعود وغيره : إضاعتها تأخيرها عن وقتها ، وليس العمل أو الدراسة عذرا شرعيا في تأخير الصلاة وإخراجها عن وقتها ، وعليه فإنه يجب عليكم أن تؤدوا الصلاة لوقتها ، ويحرم عليكم طاعة أرباب العمل في إخراج الصلاة عن وقتها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . رواه أحمد
فإن لم يسمحوا لكم بأداء الصلاة جماعة في المسجد فأقيموا الجماعة في مكان عملكم أو مدرستكم ، فإن منعتم من إقامتها جماعة فلا حرج عليكم من أن يصلي كل واحد منكم على انفراد ، فإن منعتم من الصلاة فرادى فلا يجوز لك ولا للتلاميذ البقاء في تلك المدرسة وعليكم بالبحث عن مكان آخر ، وقد قال الله تعالى : ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق: 2 ـ 3 } وهذا وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد ، فهو وعد متحقق لمن اتقى الله تعالى ، وفي حالة تمكنكم من الصلاة جماعة أو فرادى ، فإن وقت الصلاة لا يعتبر سرقة من وقت العمل بل هو وقت لله تعالى يجب عليكم أداء الصلاة فيه .
وأما تدريس النساء المتبرجات فإن هذه طامة أخرى ، وذلك أن الله تعالى أمر بغض البصر عن الحرام فقال تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون {النور: 30 } ولا شك أن تدريس المتبرجات يشق معه هذا الغض الواجب ، وإننا ننصح الأخ السائل بالبحث عن عمل آخر لا معصية لله فيه، فإن هذا خير له من العمل في مكان تضيع فيه الواجبات ، وتنتهك فيه المحرمات .
ولا شك أن إمامة الناس بالصلوات في المسجد والخطابة والقيام بتعليمهم دينهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لا شك أن هذا من أعظم القربات؛ بل هي وظيفة الأنبياء والمرسلين ، فنحثك على تولي ذلك مع الإخلاص لله تعالى ، وسيفتح الله لك من أبواب الرزق ما لم تكن تحتسب ، والراتب الذي ستأخذه على الإمامة حلال مباح ما دمت مخلصا لله تعالى في إمامتك لا تريد بها غير وجه الله ، وانظر الفتوى رقم : 10767 ، والفتوى رقم : 9495 ، وكذلك الفتوى رقم : 9812 ، وكلها حول تأخير الصلاة لأجل العمل .
والله أعلم .