تفكر بالانتحار كي لا تسجن بسبب الدَين.. حلول ومقترحات

0 302

السؤال

علي دين كبير ومهددة بالسجن ولا أقدر على رده ولا يوجد أحد لمساعدتي في سداده ولم أستطع إيجاد عمل بشهادتي حيث يفضل فيها الرجال ( مساحة وخرائط )
فهل إذا قمت بإنهاء حياتي يسامحني الله حيث إني لا أقدر على دخول السجن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز الإقدام على قتل النفس (الانتحار) لأي سبب من الأسباب، لقوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما {النساء: 29} ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. رواه البخاري ومسلم

فدل ذلك على أن قتل المرء نفسه من أعظم الكبائر، وأنه سبب للخلود في نار جهنم والعياذ بالله، وأن عذاب صاحبه يكون بنفس الوسيلة التي تم بها الانتحار، يضاف إليها دخوله جهنم والعياذ بالله.

هذا، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن اليأس والقنوط وأخبر أن ذلك من صفات الكافرين فقال: يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون {يوسف: 87} وقال تعالى على لسان خليله إبراهيم: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون {الحجر: 56}

ولذا، فإنا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في أوقات الإجابة وسؤاله بأسمائه الحسنى ليكشف ما بك فهو مجيب دعوة المضطرين وكاشف كرب المكروبين ومغيث الملهوفين. قال الله تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أئله مع الله قليلا ما تذكرون {النمل: 62} وقال تعالى: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر: 60} وفي الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل.

واعلمي أن الانتحار محرم في كل الأحوال، ولا يبرره خوف الوقوع في الفتن بالسجن ونحوه، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها للمزيد من التحذير والترهيب من الانتحار، ولمعرفة الأذكار والأدعية المفيدة في علاج ما بك راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 27048، 5249، 45101، 54026، 55390.

والواجب على من اقترضت منهم أن ينظروك حتى يتيسر حالك. قال تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون {البقرة: 280}

ولا تنسي أن تكثري من الدعاء بقضاء الدين، حيث روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة: ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل: إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني.

وروى الترمذي وحسنه عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه أن مكاتبا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دينا أداه الله عنك؟ قال: قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. نسأل الله أن يقضي ديننا ودينك وأن يصلح حالنا وحالك.

ومن ذلك ما أخرجه البخاري وأحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت، فكنت أسمعه كثيرا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال. وضلع الدين: ثقله وشدته.

ومن ذلك ما أخرج أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السموات السبع ورب الأرض ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت أخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.

وإذا كان السجن بسبب هذا الدين مؤكدا وكان سيؤثر على حياتك تأثيرا لا تطيقينه ولا تتحملينه بحيث تصلين معه إلى حالة الاضطرار ولم تجدي من يكفلك أو يسدد عنك الدين فلا نرى مانعا حينئذ من محاولة سداد هذا الدين بالاقتراض بالربا، وذلك لقول الله عز وجل: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه {الأنعام: 119}. وقوله: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه {البقرة: 173} والقاعدةالمشهورة (الضرورات تبيح المحظورات)، لكن لا يجوز لك الإفراط في استخدام هذه الرخصة إلا بقدر الضرورة لقاعدة (الضرورة تقدر بقدرها).

والله أعلم.    

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة