السؤال
سألني صديق مهتم بالإسلام عن ماهو الحل الإسلامي لمشكلة الشذوذ الجنسي المنتشر في أوربا وأمريكا في الفترة الأخيرة؟
سألني صديق مهتم بالإسلام عن ماهو الحل الإسلامي لمشكلة الشذوذ الجنسي المنتشر في أوربا وأمريكا في الفترة الأخيرة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن علاج هذه المشكلة وغيرها في تلك المجتمعات، بل في جميع المجتمعات لا يمكن أن يكون علاجا منفصلا عن علاج النظام الاجتماعي الذي يسود تلك البلدان، هذه المشكلة وغيرها نظام اجتماعي منحرف فلابد من النظرة الشاملة في العلاج، وذلك بسد الطرق ومنع الوسائل المفضية إلى تلك المشاكل والمصائب، فكيف يتأتى العلاج لهذه المشكلة في مجتمعات تتبنى وتحتفي بالوسائل الموصولة إليها؟ مثل تبرج وسفور النساء، واختلاط الرجال بهن، ورعاية الإعلام الماجن، وانعدام أواصر الأسرة، وغياب القيم والأخلاق والسلوك الحميد، وغيرها من المفاسد.
فأولا لابد من تجفيف منابع الفساد. فالله سبحانه إذا حرم شيئا حرم كل طريق ووسيلة تفضي وتؤدي إليه، تحقيقا لتحريمه، وتثبثتا ومنعا أن يرعى حماه. ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضا للتحريم وإغراء للنفوس به، وحكمة الله وعلمه تمنع ذلك. ولذا جاء الإسلام موافقا للفطرة، فسمح بقضاء الشهوة لكنه لم يفلت زمامها، بل هذبها وأرشدها إلى ما يحفظها سوية معتدلة وفق حدود حدها وشرائع بينها.
أما أولئك الذين أفلتوا الزمام لشهواتهم وتركوها تسرح في كل واد، وملؤوا مجتمعاتهم بكل مثير، وجعلوا دفعات الدم تستثار في كل لحظة فإنهم وصلوا إلى حد طاشت فيه غرائزهم، وجنت شهواتهم فلم تشبع ولم تمتلئ بما كانت تعرف، فلجئوا يبحثون عما يشبعها فوقعوا في الشذوذ، ولم يجدوا فيه بغيتهم، بل زادهم انتكاسا وبؤسا، ومن ثم أخذوا يهربون عن نطاق حياتهم فلجئوا إلى المخدرات وغيرها من المسكرات، بل وصل بهم الحال إلى البحث عن الموت وما وسائل الانتحار المنتشرة في تلك البلاد إلا شاهد على ذلك، وكل هذا بسبب انحراف تلك المجتمعات عن منهج الله، وصدق الله حيث يقول: ( والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكلوا الأنعام والنار مثوى لهم) [محمد:12] فلا خلاص من هذه المشكلة ولا علاج لها ولغيرها من مشكلات المجتمعات إلا بالعودة إلى منهج الله، والدخول في دينه، وذلك يكون ببيان مفاسد وأخطاء تلك النظم الفاسدة التي يخضعون لها، مع بيان مزايا وخصال النظام الاجتماعي الإسلامي، وتقديم الإسلام الصحيح بحكمة وعلم، فإذا غرست وجدوا تقوى الله والخوف من عذابه في نفس الإنسان، وعرف أنه سيلقى ربه ويحاسبه على عمله صغيرا أو كبيرا، وأنه مأمور بحفظ فرجه وبصره عن الحرام، ومأمور بتأسيس أسرة قائمة على التقوى وحفظ النسل والحرث، وعرف الأمراض والمعضلات المترتبة على هذا الانحراف، امتلأت حياته بحب الخير، والدعوة إليه ونشره، وحمل الناس عليه، وحينئذ فإن مثل هذه السلوكيات المنحرفة لاشك أنها لن تجد إلى نفسه سبيلا، ولن تجد لها في المجتمع سوقا.
والله أعلم.