السؤال
لقد قرأت فتاواكم عن الشذوذ الجنسي. وهي كلها متشابهة. فالمشكلة أنكم تعتقدون أن الشاذ هو المخطئ في حين أن هذا من عند الله تعالى فمنذ البلوغ يحس الشاذ بمشاعر الحب تجاه أبناء جنسه. فإذا كان مصادقة النساء حرام ومصادقة الرجال حرام لأنه يمكن أن تحب واحدا منهم فهل الحل هو العزلة التامة أو الانتحار؟ علما أن الزواج ليس حلا لأني لن أسعد مع من سأتزوجها وسأعيش منافقا معها ولا أستطيع أن أحبها كما يحب الرجل زوجته. وقد دعوت الله و مازلت أدعوه أن يعصمني من الوقوع في المعصية . أنا أتعذب. فقد أحببت شابا لسنوات و لم أفصح لأحد عن ذلك وكان السبيل الوحيد هو أني قطعت كل اتصال به حتى أنساه وقد استغرب من ذلك. والآن أنا لا أخالط النساء ولا أخالط الرجال حتى لا يتكرر الأمر. وعائلتي تريدني أن أتزوج وأنا ليس لدي أي رغبة في النساء. لقد كرهت هذه الحياة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الشاذ الذي يجاري شذوذه مخطئ عاص لله ورسوله، بل ومخالف للفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالشذوذ بهذا المعنى شهوة من الشهوات المحرمة كغيرها من الشهوات. قال الله تعالى عن قوم لوط: أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء {النمل: 55} والفطرة السليمة تأبى أن يقع منها مثل هذا بين رجلين أو امرأتين، وقد قال أحد خلفاء بني أمية: لولا أن الله قص علينا قصة قوم لوط ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا,.
وحل انتكاس الفطرة واتباع الشهوة ليس الانتحار ولا العزلة التامة عن البشر، لأن الانتحار كبيرة من الكبائر، واعتزال الناس دون فائدة غير مرغوب شرعا، بل قد يكون محرما إذا أدى إلى فوات الواجب، والحل الصحيح الموافق للمعقول والمنقول هو تقوى الله عز وجل، وذلك هو الذي أعان الصحابة الكرام والذين اتبعوهم بإحسان على ترك كثير من مألوفات حياتهم وشهوات نفوسهم، ولا يتأتى ذلك إلا بحصول أسباب وانتفاء موانع، وقد بينا ذلك واضحا جليا في الفتاوى التالية أرقامها:6872، 16534، 28972، 43527.
وننبه الأخ السائل شرح الله صدره وألهمه رشده إلى أننا لا ننكر ما يلم بالمرء من الشهوات بين الحين والآخر، لكننا ننكر عليه التمادي فيه والسعي لإطفائه بما لا يحل، وما أحسن ما قال الناظم:
ولا ترم بالمعاصي كسر شهوتها إن الطعام يقوي شهوة النهم
وإننا لننصح أخانا السائل بطلب ما يعانيه عند طبيب نفسي مسلم ثقة، ويستعين على صرف فكره عنها بلسان ذاكر، وقلب متفكر، وغض للبصر، وصيام دائم. وراجع للأهمية الفتوى رقم: 21807.
والله أعلم.