السؤال
سؤالي: ما الحكمة من تقبيل الحجر الأسود، أنا أريد هذه الحكمة لأن هناك الكثيرين يستنتجون من جواز تقبيل الحجر الأسود جواز تقبيل أضرحة الأولياء خصوصا الأئمة، وأيضا يستنتج النصارى من ذلك أن الدين الإسلامي ليس دينا سماويا، لأن في تقبيل الحجر الأسود تقبيلا لوثن لا يضر ولا ينفع، الرجاء الإيضاح حتى لا يتم التغرير بالمسلمين من قبل الروافض والنصارى؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عدم نشاط أهل السنة في الدعوة إلى الله في أي بلد يجعلهم دائما في موقف الدفاع ويجعل مخالفيهم من أهل الكفر والضلال والابتداع مهاجمين لهم يحتجون عليهم، ولا بد للمسلم من التسلح بالعلم الشرعي حتى لا تنطلي عليه شبهات أهل الباطل، وأن ينشط هو للدعوة للمنهج الصحيح الذي اقتنع به.
فلا يسوغ أن يكون الشيطان وأتباعه من دعاة الضلال ينشطون في تزيين باطلهم وتبيينه ودعمه بالحجج للناس، ويكون أهل الحق كسالى عن نشر المنهج الحق المؤهل بالأدلة الصحيحة، فعلى المسلمين أن يدفعوا باطل الضالين ويدفعوهم عن التلبيس على العوام بتعلم الوحي الإلهي وتعليمه للناس، وإكثار دروسه في الأماكن العامة حتى يستفيد منه الناس والتشجيع على حفظه ومدارسته ويتعلم الوسائل المعينة على الاستفادة منه كعلوم اللغة والأصول والقواعد.
هذا, وليعلم أن هناك عدة فوارق بين الحجر الأسود الذي شرع تقبيله وبين الأضرحة، فالحجر ثبتت مشروعية تقبيله بعمل النبي صلى الله عليه وسلم كما في الفتوى رقم: 7313.
وقد أمرنا باتباع هديه في الحج، فقال: خذوا عني مناسككم. رواه مسلم.
كما ثبتت بنصوص الترغيب في تقبيله وبيان أنه يشهد يوم القيامة لمن استلمه بحق وأنه تحط به الذنوب، ففي الحديث: إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطا. رواه أحمد وصححه الألباني.
وفي الحديث: والله ليبعثنه الله يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ومن الفروق بينهما أن تقبيل الأضرحة يؤدي للغلو, والغلو أمر خطير يجر صاحبه للمهالك، وقد هلك بالغلو قوم نوح ومن تبعهم, وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو. رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
وأما موضوع الأوثان فهو بعيد من الحجر جدا، فعباد الأوثان يعبدون الأوثان ويعتقدون فيها بخلاف المسلمين فهم يقبلون الحجر تعبدا لله واتباعا للسنة كما في الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه قال: أني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع, ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.
وراجع في المزيد من الفرق بين التعبد لله بما شرع من المناسك وبين عمل عباد الأوثان في الفتوى رقم: 4406، والفتوى رقم: 19284، والفتوى رقم: 17543 وفي حكمة تقبيل الحجر.
والله أعلم.