السؤال
يقولون عند الإفتاء يراعى الزمان والمكان والله أعلم، وعندنا الحكومة تقترض من البنوك بفائدة لتدبير الآتي
دفع مرتبات 5 مليون موظف فهل يقدمون استقالتهم من الحكومة
دفع المعاشات للمسنين فهل يرفضون المعاشات ويتسولون وهم في شيبتهم
استيراد المواد الغذائية قمح وزيت وسكر وسمن فهل نمتنع عن الطعام
رصف الطرق وبناء المدارس والمستشفيات والأدويه فهل نمتنع عن استخدامها
شركة مياه الشرب تضع أموالها في البنوك بفائده فهل نمتنع عن شرب المياه
شركة الكهرباء كذلك فهل نمتنع عن استخدام الكهرباء في المنازل والمستشفيات والمدارس والجامعات،
جميع الشركات تضع أموالها في البنوك، فهل يتقدم أبناؤنا بالاستقالة منها ويعملون في بيع العطور والجوارب على الأرصفة في الطرقات.
شركات النقل والمواصلات تضع أموالها بالبنك فهل نمتنع عن استخدام وسائل النقل والمواصلات ونركب البغال والحمير .
كما ترى يا سيدي إن جميع وسائل الحياة في بلدنا وبلاد كثيرة عربية وإسلامية تتعامل مع البنوك فهل تتوقف الحياة، وسمعت من عالم أن هناك حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم، ما معناه ( سيأتي زمان على المؤمن لابد وأن يصيبه رذاذ من الربا )
قد يكون الحال عندكم في السعودية مختلف وميسور ولكن ما بال الدول الأخرى الإسلامية علما بأنكم ترفضون الهجرة إليكم، والله عز وجل يقول ألم تكن أرض الله واسعة .
أفتى عشرة من العلماء الكبار، أساتذه دكاترة من الأزهر بان عائد البنوك حلال، صرفت مبلغ صندوق التكافل بعد خروجي الي المعاش، وعندما كان يتم خصم الأقساط من مرتبي لم أطلب من القائمين على الصندوق الاستثمار في البنك، فما ذنبي أنا في ذلك، الذنب يقع على المسئول الذي أمر باستثماره في البنك، هكذا أفتاني عالم أزهري كبير يصلي بنا في المسجد، وأيضا كل من سألته من علماء المسجد، وقالوا لي إننا أيضا لنا صندوق تكافل ،
أعتذر لكم عن أسلوبي وطول السؤال، وأرجو الرد في أسرع وقت لأنني أحمل فوق كتفي ما هو فوق طاقتي وهل كل هؤلاء يتحملون الوزر ولا ذنب لي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن هذا الموقع موقع الشبكة الإسلامية تابع لوزارة الأوقاف بدولة قطر، ولا علاقة له بالسعودية.
ثم اعلم أن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
واعلم كذلك أنه لا يعلم ذنب دون الكفر بالله كان الوعيد فيه بمثل الأسلوب الذي توعد الله به أكلة الربا، فقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله {البقرة: 278، 279}. ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
وتحريم الربا ليس معناه أن يترك الناس أعمالهم، ومعاشاتهم، ومواد تغذيتهم، ومدارسهم، ومستشفياتهم، وأدويتهم، والكهرباء، والمياه وغير ذلك... ولا أن يستقيلوا من أعمالهم ويشتغلوا في بيع العطور والجوارب على الأرصفة في الطرقات.
فمن المعلوم أن في ذلك حرجا شديدا، وقد قال الله تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج {الحج: 78}.
وهذه الأمثلة التي بينتها، وذكرت أنها جميعا يدخلها الربا، تكشف عن صدق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا، فإن لم يأكله أصابه من غباره، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وما أسميته بعائد البنوك، إن كنت تعني به الفوائد الربوية التي تنال من اسثمار الأموال في البنوك، فهذا قطعا محرم، ولا نتصور أن أي عالم يمكن أن يطلق القول بحليته. وإن كنت تعني به أن جميع مرافق الحياة لا يكاد شيء منها يسلم من أن يدخله الربا أو يصيبه من غباره، فذاك ما بينا أن اجتنابه يدخل المرء في الحرج، ولم يأمر الشرع به.
ثم ما ذكرته من خصم الأقساط من مرتبك، وأنك لم تطلب من القائمين على الصندوق استثماره في البنك، فلا ذنب عليك فيه إن كان وقع دون إرادتك، ولكنك مطالب بالتخلص مما استفدته منه من فوائد ربوية، عملا بقول الله تعالى: وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون. {البقرة: 279}.
ونسأل الله أن يمن علينا جميعا بالاستقامة، ويعصمنا من الزلل في القول والعمل.
والله أعلم.